Записки свидетеля века
مذكرات شاهد للقرن
Исследователь
(إشراف ندوة مالك بن نبي)
Издатель
دار الفكر
Номер издания
الثانية
Год публикации
١٤٠٤هـ - ١٩٨٤م
Место издания
دمشق - سورية
Жанры
أما أنا فقد وقفت ببساطة إلى جانب الشيخ (الصدوق بن خليل)، الذي كان رجلًا بسيطًا يهتم فقط بالعمل على كسب العيش عن طريق ممارسته فن كتابة الخطوط الجميلة. وكان يعمل في كتابة الإعلانات والإشارات العربية. ولكنه لم يلبث أن تدهور عمله في هذا المجال، فلم يعد في المدينة سوى مصنعين أو ثلاثة للدخان يكتب لها الإشارات التي تلصق عادة على التبغ. وهكذا اتجه إلى مورد جديد للرزق، إذ أخذ يكتب الحروز للفتيات الأوربيات اللواتي يقعن في متاعب عاطفية، فيبادر لنجدتهن بالعلم لكي يوفق بينهن وبين (فينوس).
وفي ظني أنه كتب حرزًا لصديقي (شريف سنوسي) الخياط الذي كان مولهًا بحب فتاته اليهودية.
ومن ناحية أخرى كان خروجي إلى المدينة على العموم في المساء. وكنت أقضي النهمار كله في المطالعة والحديث مع أمي. وقد قضيت العطلة بعيدًا عن ذلك الضجيج السائد في المدينة مهتمًا بقراءة صحيفة (العصر الجديد). وقد قرأت أيضًا الأجزاء الضخمة الثلاثة أو الأربعة من كتاب (تاريخ الإنسانية الاجتماعي) الذي كان والدي قد أضافه مؤخرًا إلى مكتبته الصغيرة.
كانت حياة المدينة تسير في طريقها العادي. وبتنا نرى (المحفل) يتناقص ظهوره شيئًا فشيئًا. ومدام (دوننسان) لم تعد ترى أمام محلها في شارع قسنطينة مواكب المغنيات من النساء وراء الدابة التي تحمل العروس، فيترك مرورهن رائحة العنبر الجميلة. فالنساء يضعن في أعناقهن عقودًا تتألف من حبات أُدخِل في تركيبها العنبر والمسك، فكان ذلك يعطي المجتمع النسائي الجزائري رائحة خاصة مميزة.
وحتى مواكب الجنازات أضحت في أغلب الأحيان صامتة. فلم يعد الناس ينشدون قصيدة البردة وراء نعش الميت. لقد أضحت تصرفات الناس لهذه الجهة ترتبط بموقفين عقائديين من جهة ومن جهة أخرى برجلين.
1 / 125