Meeting at the Open Door
لقاء الباب المفتوح
Жанры
جواز القصر للمسافر سواء حددت المدة أم لم تحدد
حصلت لي جلسة مع مدير المعهد العلمي في منطقة من المناطق، فجرى الحوار بيننا في قصر الصلاة، فقال: إن الشيخ -يعنيك أنتَ- أفتى لطلبة الجامعة بأن يقصروا الصلاة إذا فاتتهم الصلاة.
وقال المدير: وهذا لا يجوز! فلا ندري كيف أفتى الشيخ بذلك؟! وابن هذا المدير يدرس عندكم في الجامعة، فنَبَّهَ ابنَه بأنه لا يقصر الصلاة بل يتمها، فنحن يا فضيلة الشيخ لا ندري أنقصر الصلاة أم لا؟
هذا -سلمك الله- أفتينا به بعد دراسة، وبعد النظر في الأدلة، وبعد النظر في كلام أهل العلم وجدنا أن أقرب الأقوال إلى الصواب: قول شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀؛ أن الرجل ما دام غائبًا عن بلده ولم يتخذ البلد الثاني وطنًا فهو مسافر، كل مَن بقي لحاجة ومتى انتهت رَجَعَ فهو مسافر سواء عَيَّن المدة أم لم يعيِّن؛ لأن أي تقدير قَدَّرَه كأن قَدَّر ثلاثة أيام مثلًا، قلنا: ما دليلك؟! وإن قَدَّر شهرًا أو سنة قلنا: ما هو دليلك؟! ليس هناك دليل.
فالقول مثلًا بأن المسافر إذا نوى الإقامة في هذا المكان هذه المدة انقطع عنه السفر لا يوجد له دليل، ومن وجد دليلًا فليتفضل به، ونحن إن شاء الله آخذون على أنفسنا بأننا إذا تبين لنا الدليل أن نأخذ به، وقولنا ليس بمعصوم، نحن نخطئ كما يخطئ غيرنا؛ لكن علينا أن نتقي الله ما استطعنا: و﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة:٢٨٦] إذا كان هذا الذي بلغ إليه جهد الإنسان فهو معذور عند الله (إن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر) لكن أي مسألة مثلًا تترجح عند العالم فهو غير معذور في العدول عما ترجح عنده؛ لأنه سيُسأل يوم القيامة.
وأي مسألة يقولها الإنسان وفيها دليل خلاف قوله وهو لا يعلم به فهو معذور، وأي مسألة يقولها الإنسان وهو مجتهد فإنه يجب عليه إذا تبين له الحق أن يرجع إليه عن اجتهاده.
فنحن إذا أتانا إنسان بدليل على أن الإنسان إذا بقي المدة المعينة انقطع عنه حكم السفر وصار حكمه حكم المقيم، فعلينا القبول.
ومن وجد دليلًا خلاف قولنا فليضرب بقولنا عرض الحائط.
وأما المسافة فما وجدنا فيها شيئًا معينًا أيضًا، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: ما عَيَّن الرسول ﷺ لأمته المسافة.
ولم يكن في ذلك الوقت المسَّاحون الذين يقولون: هذا كيلو، وهذا أكثر، وهذا أقل، والعلماء الذين قدروا المسافة بأذرع أو أكيال أو أميال ليس عندهم دليل، ثم هم قدَّروها ﵏ بالذراع، والشبر، والإصبع، وشعرة البرذون -الحصان- معناه: أنَّني أنا إذا صرتُ هنا والصاحب الذي بيني وبينه ذراع هناك، نقول: هذا مسافر، وأنا غير مسافر! مَن يقول هذا؟! فأقرب الأقوال: أنه يُرْجَع فيه إلى ما سماه الناس سفرًا، وشدوا الرحال له، هذا هو السفر، وما ليس كذلك فليس بسفر.
هذا والله أعلم.
وصلَّى الله وسلم وبارَك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
1 / 53