Meeting at the Open Door
لقاء الباب المفتوح
Жанры
تفسير قوله تعالى: (ألم نجعل الأرض مهادًا)
ثم بين الله تعالى نعمه على عباده ليقرر هذه النعم، فيلزمهم شكرها، فقال: ﴿أَلَمْ نَجْعَلْ الأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا * وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا * وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا﴾ [النبأ:٦-٩] إلى آخره.
فالأرض جعلها الله تعالى مهادًا ممهدة للخلق ليست بالصلبة التي لا يستطيعون حرثها، ولا المشي عليها إلا بصعوبة، وليست باللينة الرخوة التي لا ينتفعون بها، ولكنها ممهدة لهم على حسب مصالحهم وحسب ما ينتفعون به، أما الجبال فجعلها الله تعالى أوتادًا بمنزلة الوتد للخيمة، حيث يثبتها فتثبت به، وهو أيضًا ثابت كما قال تعالى: ﴿وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا﴾ [فصلت:١٠] .
وهذه الأوتاد قال علماء الأرض: إن هذه الجبال لها جذور راسخة في الأرض كما يرسخ جذر الوتد بالجدار، ولذلك تجدها صلبة قوية لا تزعزعها الرياح، وهذا من تمام قدرته ونعمته: ﴿وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا﴾ [النبأ:٨] أي: أصنافًا ما بين ذكر وأنثى، وصغير وكبير، وأسود وأحمر، وشقي وسعيد، إلى غير ذلك مما يختلف الناس فيه، فهم أزواج مختلفون على حسب ما أراده الله ﷿، واقتضته الحكمة ليعتبر الناس بقدرة الله تعالى، وأنه قادر على أن يجعل هؤلاء البشر الذين خلقوا من مادة واحدة أنواعًا وأصنافًا متنوعة متباينة.
6 / 4