Мазид Фатх аль-Бари Би-шарх аль-Бухари - Рукопись
مزيد فتح الباري بشرح البخاري - مخطوط
Издатель
عطاءات العلم - موسوعة صحيح البخاري
Место издания
https
Жанры
دونَ النوافل، وفي رواية أبي داودَ عن أبي قَتَادَة صاحبِ رسول الله ﷺ قال: «بينما نحنُ ننتظرُ رسولَ الله ﷺ للصَّلاة في الظُّهر أو العصر وقد دعاه بلالٌ ﵁ للصَّلاة، إذ خرجَ إلينا وأمامةُ بنتِ أبي العاصِ بنتُ ابنته على عُنقه، فقام رسول الله ﷺ في مُصلّاه وقُمنا خلفَه» الحديث.
وفي كتاب «النسب» للزُّبير بنِ بكّار عن عَمْرو بن سُلَيم: أنَّ ذلك كان في صلاة الصُّبح. وقال النَّوَوي: وادَّعى بعضُ المالكيَّة إنَّه منسوخٌ، وقال الشيخُ تقيُّ الديّن: وهو مرويٌّ عن مالكٍ أيضًا. وقال أبو عمر: ولعلَّ هذا نُسخ بتحريم العمل والاشتغال بالصَّلاة، وقد رُدَّ هذا بأنَّ قوله ﵇: «إنَّ في الصَّلاة لشُغلًا» كان قبلَ بدرٍ عند قدوم عبد الله بن مسعود من الحبشة، وأنَّ قدوم زينبَ وابنتِها إلى المدينة كان بعدَ ذلك، ولو لم يكنِ الأمرُ كذلك لكان فيه إثباتُ النَّسخ بمجرّد الاجتهاد. وروى أشهبُ وابن نافع عن مالك: أنَّ هذا كان للضرورة. وادعى بعضُ المالكيَّة: إنَّه خاصٌّ بالنَّبِيّ ﷺ. ذكره القاضي عياض، وقال النَّوَوي: وكلُّ هذه الدعاوي باطلة ومردودةٌ؛ فإنَّه لا دليلَ عليها ولا ضرورةَ إليها، بل الحديثُ صحيحٌ صريحٌ في جواز ذلك، وليس فيه ما يخالفُ قواعد الشرع؛ لأنَّ الآدميَّ طاهر وما في جوفه من النجاسة معفوٌّ عنه لكونه في معدتِه، وثياب الأطفال وأجسادهُم على الطهارة، ودلائلُ الشرع على أنَّ هذه الأفعالَ في الصَّلاة لا تُبطلها إذا قَلَّت أو تَفرَّقت، وفعلَ النَّبِيُّ ﷺ هذا بيانًا للجواز وتنبيهًا عليه. قال العَيني: وقد قال بعضُ أهل العلم: إنَّ فاعلًا لو فعل مثل ذلك لم أرَ عليه إعادةً من أجل هذا الحديث، وإن كنتُ لا أحبُّ لأحد فِعلَه. وقد كان أحمدُ بن حنبلَ يُجيز هذا، قال الأثرم: سُئل أحمدُ: أيأخذُ الرجلُ ولدَه وهو يصلِّي؟ قال: نعم. واحتجَّ بحديث أبي قتادة.
وقال الخطَّابيُّ: يشبه أن يكون هذا الصنيع من رسول الله ﷺ عن قصدٍ وتعمُّدٍ له في الصَّلاة، ولعلَّ الصبيّةَ لطولِ ما ألفَتْه واعتادَتْه من مُلابسته في غير الصَّلاة كانت تتعلَق به حتَّى تلابسَه وهو في الصَّلاة، فلا يدفعُها عن نفسه ولا يبعدُها، فإذا أراد أن يسجُد وهي على عاتقه وضعَها بأنْ يحطَّها أو يرسلَها إلى الأرض حتَّى يفرغ من سجوده، فإذا أراد القيامَ وقد عادتِ الصبيةُ إلى مثل الحالة الأولى لم يدافعها ولم يمنعها، حتَّى إذا قام بقيَت محمولةً معه، هذا عندي وجهُ الحديث، ولا يكاد يتوهَّم ﵇ إنَّه كان يتعمَّد حملَها ووضعَها وإمساكَها في الصَّلاة تارةً بعدَ أخرى؛ لأنَّ العملَ في ذلك قد يكثُر فيتكرر، والمصلِّي يشتغلُ بذلك عن صلاته، وإذا كان عَلَمُ الخَميصة يشغلُه عن صلاته حتَّى يستبدلَ بها الأَنبجانيّةَ، فكيف لا يشتغل عنها بما هذا صفته من الأمر؟! وفي ذلك بيانُ ما تأوّلناه.
وقال ابنُ دقيقٍ العيد: من المعلوم أنَّ لفظ (حمل) لا يساوي لفظ (وضع) فعلى هذا: فالفعل الصادرُ منه هو الوضع لا الرَّفع فيَقلّ العملُ، قال: وقد
كنت أحسبُ هذا حسنًا، إلى أن رأيت في بعض طُرقه الصحيحة: (فإذا قامَ أعادَها). وقال النَّوَوي بعد أن نقلَ ملخَّص كلامِ الخطَّابيُّ: هذا الذي ذكره هذا باطلٌ ودعوى مجرّدةٌ، ومما يرد قوله في «صحيح مسلم»: «فإذا قام حملَها»، وقوله: «فَإذا رَفَعَ مِنَ السُّجود أَعادَها»، وقوله في غير رواية مسلم: «خَرَجَ عَلينا حَامِلًا أُمامةَ فصَلَّى» وذكر الحديث، وأمّا قضيّةُ الخَميصة فلأنها تشغلُ القلب بلا فائدة، وحملُ أُمامةَ لا نسلِّم إنَّه يُشْغِلُ القلب، وإن شَغَلَه فيترتب عليه فوائدُ وبيانُ قواعد ما ذكرناه وغيره، فاحتمل ذلك الشُّغل لهذه الفوائد بخلاف الخميصة، فالصَّواب الذي لا يُعدل عنه: أنَّ الحديثَ كان لبيان الجواز والتنبيهِ على هذه الفوائد، فهو جائزٌ لنا وشرعٌ مستمرٌ للمسلمين إلى يوم الدين. وقال العَيني: وجهٌ آخرُ لردِّ كلام الخطَّابيُّ، قولُهُ: (وَقامَ فَأخذَها فردَّها في مَكَانها) وهذا صريحٌ في أنَّ فعلَ الحمل والوضع كان منه ﵇ لا من أُمامةَ. وقال بعضُ أصحابِ مالك بن أنسٍ: لأنَّه ﵇ لو تركها لبكَت وشغَلت سِرَّه في صلاته أكثرَ من شُغله بحملها. وفرَّق بعضُ أصحابه بين الفريضة والنافلة، وقال الباجيُّ: إن وَجَدَ من يكفيه أمرَها جاز في النافلة دونَ الفريضة، وإن لم يجد جاز فيهما. وحمل أكثرُ أهل العلم هذا الحديث على أنَّه عملٌ غيرُ مُتوالٍ؛ لوجود الطُّمأنينة في أركان صلاته، وقال الفاكهانيُّ: كان السِّرُّ في حمله أُمامةَ في الصَّلاة دفعًا لما كانت العرب تألفُه من كراهة البناتِ وحملِهنَّ، وخالفَهم في ذلك حتَّى في الصَّلاة للمبالغة في ردعِهم، والبيانُ بالفعل قد يكون أقوى من القول. ومن فوائد هذا الحديث: جوازُ إدخال الصِّغار في المساجد، ومنها: جوازُ صحَّةِ صلاة مَن حمل آدميًا، وكذا من حملَ حيوانًا طاهرًا. وللشافعية تفصيلٌ بين المستجمِر وغيره، ومنها: أنَّ فيه تواضعَ النَّبِيِّ ﷺ وشفقتَه على الصِّغار وإكرامَه لهم جبرًا لهم ولوالديهم. قلتُ: وفيه جوازُ حملِ مَن لا يَتوقّى النجاسةَ إذا احتُمل إنَّه طاهرٌ حالَ الحمل. انتهى. وروى عبدُ الله بن يوسفَ التِّنِّيسيُّ عن مالكٍ: أنَّ الحديثَ منسوخٌ. قال شيخُنا: روى ذلك الإسماعيليُّ عَقِبَ روايتِه للحديث من طريقه، لكنَّه غيرُ صريحٍ، ولفظه: قال التِّنِّيسيُّ: قال مالكٌ: في حديث النَّبِيِّ ﷺ ناسخٌ ومنسوخٌ، وليس العملُ على هذا. وقال ابنُ عبد البرِّ: لعلَّه نُسخ بتحريم العمل في الصَّلاة. وتُعقِّب بأنَّ النَّسخَ لا يثبتُ بالاحتمال، وبأنَّ هذه القضيَّةَ كانت بعد قوله ﵇: «إنَّ في الصَّلاة لشُغْلًا»؛ لأنَّ ذلك كان قبلَ الهجرة، وهذه القصَّةُ كانت بعد الهجرة قطعًا بمدَّة مديدة. وذكر عياضٌ عن بعضهم: أنَّ ذلك كان من خصائصه؛ لكونه كان معصومًا من أن تبولَ وهو حاملُها. ورُدَّ بأنَّ الأصلَ عدمُ الاختصاص، وبأنَّه لا يلزم من ثبوت الاختصاصِ في أمرٍ ثبوتُه في غيره بغير دليلٍ، ولا مدخلَ للقياس في مثل ذلك،
كنت أحسبُ هذا حسنًا، إلى أن رأيت في بعض طُرقه الصحيحة: (فإذا قامَ أعادَها). وقال النَّوَوي بعد أن نقلَ ملخَّص كلامِ الخطَّابيُّ: هذا الذي ذكره هذا باطلٌ ودعوى مجرّدةٌ، ومما يرد قوله في «صحيح مسلم»: «فإذا قام حملَها»، وقوله: «فَإذا رَفَعَ مِنَ السُّجود أَعادَها»، وقوله في غير رواية مسلم: «خَرَجَ عَلينا حَامِلًا أُمامةَ فصَلَّى» وذكر الحديث، وأمّا قضيّةُ الخَميصة فلأنها تشغلُ القلب بلا فائدة، وحملُ أُمامةَ لا نسلِّم إنَّه يُشْغِلُ القلب، وإن شَغَلَه فيترتب عليه فوائدُ وبيانُ قواعد ما ذكرناه وغيره، فاحتمل ذلك الشُّغل لهذه الفوائد بخلاف الخميصة، فالصَّواب الذي لا يُعدل عنه: أنَّ الحديثَ كان لبيان الجواز والتنبيهِ على هذه الفوائد، فهو جائزٌ لنا وشرعٌ مستمرٌ للمسلمين إلى يوم الدين. وقال العَيني: وجهٌ آخرُ لردِّ كلام الخطَّابيُّ، قولُهُ: (وَقامَ فَأخذَها فردَّها في مَكَانها) وهذا صريحٌ في أنَّ فعلَ الحمل والوضع كان منه ﵇ لا من أُمامةَ. وقال بعضُ أصحابِ مالك بن أنسٍ: لأنَّه ﵇ لو تركها لبكَت وشغَلت سِرَّه في صلاته أكثرَ من شُغله بحملها. وفرَّق بعضُ أصحابه بين الفريضة والنافلة، وقال الباجيُّ: إن وَجَدَ من يكفيه أمرَها جاز في النافلة دونَ الفريضة، وإن لم يجد جاز فيهما. وحمل أكثرُ أهل العلم هذا الحديث على أنَّه عملٌ غيرُ مُتوالٍ؛ لوجود الطُّمأنينة في أركان صلاته، وقال الفاكهانيُّ: كان السِّرُّ في حمله أُمامةَ في الصَّلاة دفعًا لما كانت العرب تألفُه من كراهة البناتِ وحملِهنَّ، وخالفَهم في ذلك حتَّى في الصَّلاة للمبالغة في ردعِهم، والبيانُ بالفعل قد يكون أقوى من القول. ومن فوائد هذا الحديث: جوازُ إدخال الصِّغار في المساجد، ومنها: جوازُ صحَّةِ صلاة مَن حمل آدميًا، وكذا من حملَ حيوانًا طاهرًا. وللشافعية تفصيلٌ بين المستجمِر وغيره، ومنها: أنَّ فيه تواضعَ النَّبِيِّ ﷺ وشفقتَه على الصِّغار وإكرامَه لهم جبرًا لهم ولوالديهم. قلتُ: وفيه جوازُ حملِ مَن لا يَتوقّى النجاسةَ إذا احتُمل إنَّه طاهرٌ حالَ الحمل. انتهى. وروى عبدُ الله بن يوسفَ التِّنِّيسيُّ عن مالكٍ: أنَّ الحديثَ منسوخٌ. قال شيخُنا: روى ذلك الإسماعيليُّ عَقِبَ روايتِه للحديث من طريقه، لكنَّه غيرُ صريحٍ، ولفظه: قال التِّنِّيسيُّ: قال مالكٌ: في حديث النَّبِيِّ ﷺ ناسخٌ ومنسوخٌ، وليس العملُ على هذا. وقال ابنُ عبد البرِّ: لعلَّه نُسخ بتحريم العمل في الصَّلاة. وتُعقِّب بأنَّ النَّسخَ لا يثبتُ بالاحتمال، وبأنَّ هذه القضيَّةَ كانت بعد قوله ﵇: «إنَّ في الصَّلاة لشُغْلًا»؛ لأنَّ ذلك كان قبلَ الهجرة، وهذه القصَّةُ كانت بعد الهجرة قطعًا بمدَّة مديدة. وذكر عياضٌ عن بعضهم: أنَّ ذلك كان من خصائصه؛ لكونه كان معصومًا من أن تبولَ وهو حاملُها. ورُدَّ بأنَّ الأصلَ عدمُ الاختصاص، وبأنَّه لا يلزم من ثبوت الاختصاصِ في أمرٍ ثبوتُه في غيره بغير دليلٍ، ولا مدخلَ للقياس في مثل ذلك،
1 / 29