ونظير هذا أن يحتاج ولى بيت المال إلى اعطاء ظالم لدفع شره عن المسلمين كإعطاء المؤلفة قلوبهم لدفع شرهم أو اعطاء الكفار إذا احتاج والعياذ بالله إلى ذلك ولم يكن فى بيت المال شيء واستسلف من الناس أموالا أداها فهل يقول عاقل إن تلك الأموال تذهب من ضمان من أخذت منه ولا يرجع على بيت المال بشيء لأن المقبوض كان عين أموالهم لا عين أموال بيت المال وقد كان النبي وأصحابه يعطون ما يعطونه تارة من عين المال وتارة مما يستسلفونه فكان النبى صلى الله عليه وسلم يستسلف على الصدقة وعلى الفيء فيصرفه فى المصارف الشرعية من إعطاء المؤلفة قلوبهم وغيرهم وكان فى الآخذين من لا يحل له الأخذ بل كان النبى يقول ( أنى لأعطى أحدهم العطية فيخرج بها يتأبطها نارا ( قالوا يا رسول الله فلم تعطيهم قال ( يأبون إلا أن يسألونى ويأبى الله لى البخل (
ولا يقول عاقل ان ذلك المال يذهب من عين من اقترض منه بل هو بمنزلة ما إذا كان عين مال الصدقة والفىء لأن المعطى جاز له الإعطاء وإن لم يجز للآخذ الأخذ هذا وهو يعطيه باختياره فكيف بمن أكره على الإعطاء وجاز له الإعطاء أو وجب عليه ولا يقال ولي الأمر هنا اقترض أموال الناس منهم لأنه يقال إنما إقترضها ليدفعها إلى ذلك الظالم الذى طلب أخذ أموال المسلمين فأدى عنهم ما إقترضه ليدفع به عنهم الضرر وعليه أن يوفى ذلك من أموالهم المشتركة مال الصدقات والفىء ولا يقال لا يحل له صرف أموالهم فإن الذى أخذه ذلك الظالم كان مال بعضهم بل أعطاء هذا القليل لحفظ نفوسهم وأموالهم واجب
Страница 348