Смерть приходит в Пемберли
الموت يزور بيمبرلي
Жанры
الفصل الرابع
بعد خمس دقائق كانت إليزابيث تنتظر مع دارسي عند الباب الأمامي حتى يتم إحضار حصانه، وما إن دخلت إليزابيث المنزل حتى رأت دارسي وهو يعدو بفرسه ويذوب في ظلمة الليلة المقمرة. ستكون الرحلة أمامه غير مريحة. فقد خلفت الأمطار الغزيرة رياحا عاصفة، لكنها كانت تعلم أن رحلته تلك كانت ضرورية. كان دارسي واحدا من القضاة الثلاثة الذين يتولون شأن بيمبرلي ولامتون لكن لم يكن باستطاعته أن يشارك في هذا التحقيق، وكان من الصواب أن يتم إخبار أحد زملائه بمقتل ديني من دون تأخير. كانت إليزابيث تأمل أيضا أن تنقل الجثة من بيمبرلي قبل حلول الصباح حين سيتحتم عليها وعلى دارسي إخبار الخدم المستيقظين بما حدث. كما كان سيتحتم عليهما أن يبررا سبب وجود السيدة ويكهام وليس من المرجح أن تكون ليديا نفسها كتومة. وكان دارسي فارسا بارعا، ولم يكن الارتحال ليلا على صهوة جواده يخيفه حتى في أسوأ أنواع الطقس، لكنها حين كانت تحدق إلى آخر طيف للحصان وهو ينطلق، كانت تكافح خوفا يتملكها بأن شيئا سيئا سيحدث لدارسي قبل أن يصل إلى هاردكاسل وأنها لن تراه ثانية أبدا.
وبالنسبة إلى دارسي كان العدو بحصانه في الليل بمثابة نوع من التمتع بحرية مؤقتة. وعلى الرغم من أن كتفيه كانتا تؤلمانه بسبب ثقل النقالة وأنه كان يعرف أنه متعب على المستويين الجسدي والذهني، فقد كانت نفحات الهواء البارد ولطم حبات المطر له على وجهه بمثابة انعتاق وتحرر. كان السير سيلوين هاردكاسل هو القاضي الوحيد المعروف أنه يظل في منزله طوال الوقت، وكان يعيش على مسافة ثمانية أميال من بيمبرلي، وباستطاعته أن يتولى أمر هذه القضية وسيكون مسرورا لفعل ذلك، لكنه لم يكن الزميل الذي كان دارسي ليختاره لمثل هذه المهمة. فلسوء حظه، كان جوزايا كليثرو - وهو القاضي المحلي الثالث - عاجزا بفعل إصابته بداء النقرس، وهو داء مؤلم بقدر ما كان غير مستحق له؛ حيث إن ذلك الطبيب وعلى الرغم من أنه مولع بتناول الطعام بشراهة، فإنه لم يكن يعاقر النبيذ الأحمر قط، وهو ما يعتقد أنه السبب الرئيسي للإصابة بهذا الداء الموهن. وكان الدكتور كليثرو محاميا متميزا ويمتد صيته لما يتجاوز حدود دياره في ديربيشاير، ومن ثم فهو يعد إضافة كبيرة إلى مقعد القضاة؛ وذلك على الرغم من ثرثرته التي تبرز من اعتقاد لديه بأن صحة الحكم تتناسب مع طول الوقت المستغرق للتوصل إليه. كان يتعمق بشدة في دراسة كل تفصيلة صغيرة تخص القضية ويناقش القضايا السابقة ويبحث فيها ويتعرض للقانون ذي الصلة بها. وإذا رأى أن قواعد الفلاسفة القدامى - مثل أفلاطون أو سقراط - قد تضيف وزنا إلى الحجة، كان يعرضها. لكن وعلى الرغم من سلوكه كل هذه الدروب عند اتخاذ قرار، فإن قراره النهائي يكون منطقيا دائما وكانت هناك قلة قليلة من المدعى عليهم الذين لم يكونوا ليشعروا بالتمييز غير العادل ضدهم لو كان الدكتور كليثرو لم يمنحهم ساعة من الزمن على الأقل ليتحدثوا له بأطروحة غير مفهومة.
وبالنسبة إلى دارسي، كان مرض الدكتور كليثرو أمرا غير ملائم تماما. حيث إنه والسير سيلوين هاردكاسل لم يكونا على وفاق كزملاء - على الرغم من أن كلا منهما يكن للآخر الكثير من الاحترام كقضاة - وظلت العداوة قائمة بين العائلتين حتى ورث والد دارسي تركة بيمبرلي. وكانت جذور الخلاف تعود إلى زمن جد دارسي، حين أدين خادم من بيمبرلي - ويدعى باترك رايلي - بسرقة أيل من مزرعة الأيائل المملوكة حينها للسير سيلوين، ومن ثم شنق جزاء لذلك.
وتسبب شنق ذلك الخادم في حالة غضب عارم بين القرويين في بيمبرلي، لكنهم عرفوا أن السيد دارسي كان قد حاول أن ينقذ حياة الفتى، ومن ثم عرف علنا عن السيد دارسي بأنه القاضي العطوف وعن السير سيلوين بأنه يد القانون الصارمة، وقد ساعد اسم هاردكاسل في الترسيخ كثيرا لهذا التمييز. وتبع الخدم مثال أسيادهم وتوارثت الأجيال بين العائلتين العداوة والبغضاء. ولم يتم القيام بأي محاولة لرأب الصدع بينهما إلا حين ورث والد دارسي تركة بيمبرلي، ولم تتبع تلك المحاولة أي محاولة ثانية إلا حين كان والد دارسي في فراش الموت. فقد طلب من ابنه أن يقوم بكل ما يمكنه لكي يستعيد التوافق بين العائلتين، مشيرا إلى أن استمرار العداء ليس في صالح القانون ولا في حسن العلاقات بين العائلتين. وما منع دارسي عن ذلك هو تحفظه واعتقاده بأن مناقشة نزاع أو خلاف على العلن لن يساعد إلا في التأكيد على وجوده؛ لذا فقد سلك طريقا أكثر دبلوماسية. فكان يرسل الدعوات أحيانا إلى هاردكاسل لحضور حفلات الصيد والمآدب العائلية، وكان هاردكاسل يقبلها. ربما كان هاردكاسل أيضا قد أصبح أكثر وعيا بخطورة العداء المستمر، لكن ذلك التقارب لم يرق قط إلى مستوى الحميمية. كان دارسي يعلم أنه وفي ظل المشكلة الحالية سيجد في هاردكاسل قاضيا نزيها يتبع ضميره، لكنه لن يجد فيه صديقا له.
وبدا الجواد سعيدا بالهواء الطلق وبالرحلة كسعادة راكبه، فنزل دارسي عن صهوته أمام منزل هاردكاسل في غضون نصف الساعة. كان جد السير سيلوين قد تسلم البارونية في زمن الملكة إليزابيث حين بني منزل العائلة. كان المنزل يمثل صرحا كبيرا معقدا وشاسعا، وكانت مداخنه السبعة الفاخرة على طراز تيودر تمثل معلما رئيسيا بين أشجار الدردار الطويلة التي تحيط بالمنزل كالمتاريس. وبداخل المنزل، كانت النوافذ الصغيرة والسقف المنخفض يضيئان المنزل بإضاءة خافتة. وكان والد البارون الحالي - متأثرا في ذلك ببعض المباني المجاورة له - قد أضاف إلى المنزل ملحقا فاخرا لكنه ناشز، وكان استخدام العائلة لهذا الملحق نادرا، عدا كونه مأوى للخدم، فقد كان السير سيلوين يفضل الطراز الإليزابيثي رغم أوجه عدم ملاءمته الكثيرة.
صدح صوت الجرس الذي سحب دارسي حبله في أرجاء المنزل مما أيقظ المنزل بأكمله، وفي غضون ثوان فتح له الباب كبير الخدم العجوز ويدعى باكل، الذي بدا أنه لم يخلد إلى النوم كسيده، حيث كان معروفا عنه أنه سيكون في الخدمة بغض النظر عن التوقيت. كان السير سيلوين وباكل متلازمين وكان منصب كبير الخدم في عائلة هاردكاسل يعتبر في العموم منصبا متوارثا؛ حيث إن والد باكل كان يشغله قبله وكذلك جده قبلهما. وكان التشابه في العائلة بين الأجيال بارزا وملحوظا، فكان كل فرد من عائلة باكل يتسم بقصر القامة وقوة البنية وطول الذراعين ووجه يشبه وجه كلب البولدوج الودود. أخذ باكل قبعة دارسي وسترته المخصصة لركوب الجياد، وعلى الرغم من أنه كان يعرف الزائر معرفة تامة، فإنه سأله عن اسمه وكعادته التي لا تتغير طلب منه الانتظار حتى يعلم سيده بحضوره. وبدا لدارسي أن غياب باكل عنه كان طويلا، لكنه سمع في الأخير صوت وقع أقدامه قادما نحوه وقال له: «السير سيلوين في غرفة التدخين الخاصة به يا سيدي، فهلا تتبعني فضلا.»
تقدما عبر الردهة العظيمة بسقفها المقبب المرتفع، ونوافذها الكثيرة ومجموعة رائعة من الدروع، ورأس أيل معلقة أصابها شيء من العفن مع مرور الزمن. كما احتوت الردهة أيضا على الصور العائلية، وبمرور الأجيال اكتسبت عائلة هاردكاسل سمعة بين العائلات المجاورة بكونها عائلة كبيرة العدد والحجم، وهي سمعة تأسست على الكم أكبر منها على الجودة. وقد ورث كل بارون رأيا واحدا أو تحيزا قويا واحدا على الأقل ليأمر به، أو ليزعج من خلاله ورثته، وكان يسود بينهم اعتقاد - تشكل في البداية لدى السير سيلوين من القرن السابع عشر - أن توظيف رسام يتقاضى ثمنا باهظا ليرسم نساء العائلة هو مضيعة للمال. وكل ما كان ضروريا لإرضاء ادعاءات الأزواج وغرور الزوجات هو أن يجعل الرسام من الوجه العادي جميلا، ومن الوجه الجميل وجها مليحا، وأن يقضي الكثير من الوقت ويتوخى في رسمه إبراز ملابس الشخص المرسوم أكثر من ملامحه. وحيث إن الرجال في عائلة هاردكاسل كانوا يتشاركون فيما بينهم نزوعا إلى الإعجاب بالنوع نفسه من الجمال الأنثوي، فقد أضاء الشمعدان ذو الأفرع الثلاثة الذي يمسك به باكل صفا من الرسومات المتطابقة لشفاه معقودة وعيون جاحظة عدوانية حيث تلا الساتان والدانتيل النسيج المخملي، وحل الحرير محل الساتان، وأفسح الحرير المجال لنسيج الموسلين. وكان حال الذكور من عائلة هاردكاسل أفضل. فكانت الأنف المتوارثة المعقوفة قليلا والحواجب الكثيفة ذات اللون الداكن أكثر من الشعر، والفم العريض الذي تكاد شفتاه تخلوان من الدماء، كانت هذه الملامح تنظر إلى دارسي من فوق بثقة وثبات. هنا يمكن للمرء أن يعتقد أن السير سيلوين الحالي قد خلد على مر القرون بفعل فرشاة الرسامين البارزين في أدواره المتعددة؛ السيد وصاحب الأرض الجاد، ورب الأسرة والمحسن إلى الفقراء وقائد متطوعي ديربيشاير الذي يرتدي وشاح منصبه في أناقة، وأخيرا القاضي الصارم الحصيف العادل. وكان السير سيلوين لا يزوره من البسطاء إلا قلة قليلة، وكان هؤلاء لا ينبهرون كثيرا ويرهبونه بالقدر المعقول بمجرد الدخول إلى حضرته.
تبع دارسي الآن باكل إلى داخل رواق ضيق نحو الجزء الخلفي من المنزل، وفي نهاية هذا الرواق فتح باكل بابا من خشب البلوط الثقيل من دون أن يطرقه، وأبلغ بصوت جهور قائلا: «السيد دارسي من بيمبرلي هنا لرؤيتك يا سيد سيلوين.»
لم ينهض سيلوين هاردكاسل. كان يجلس في كرسي عالي الظهر بجوار النار ويرتدي قبعة التدخين، وكان شعره المستعار موضوعا على الطاولة بجواره، التي كانت تحمل أيضا زجاجة من النبيذ الأحمر، وكأسا مملوءة حتى نصفها. كان الرجل يقرأ من كتاب كبير الحجم كان مفتوحا على ركبتيه، والآن أغلقه هاردكاسل بتعبير واضح عن الأسف بعد أن وضع بحرص مؤشرا مرجعيا عند الصفحة التي كان يقرؤها. وكان المشهد كله يكاد يقترب من تصوير حي لصورته كقاض، وأمكن لدارسي أن يتخيل أنه رأى الرسام وهو يتحرك بمهارة عبر الباب، بينما الرجل جالس في مكانه. ومن الواضح أن أحد الخدم قد اعتنى بالنار لتوه فكانت تشتعل بشدة؛ ومن بين صوت الفرقعة وطقطقة الحطب، اعتذر دارسي عن زيارته في وقت متأخر.
Неизвестная страница