Волна огня: сборник рассказов
موجة نار: مجموعة قصص
Жанры
وفيما أنا أحسب نفسي أسير وحيدا، تطلعت فإذا بالأسود الباسم ذي القرنين والذيل الطويل يماشيني قائلا: يا مجنون! حين ترجع إلى لبنان، سيسألونك: كم جمعت من مال، لا كيف جمعت المال. ارجع عن غباوتك، وافتح حانة تغنيك في شهرين. تلك الدنيا التي عمرت بها مخيلتك طمست ولن ينقب عن آثارها الباحثون! «هلو عمو!» بادرني وليم زعرور الجندي اللبناني الأميركي، طاردا الشيطان من جواري: «أراك سابحا في التفكير، بماذا تفكر عمو؟» قلت: إني أفكر بوسيلة أكسب بها دولارا من غير أن أفتح خمارة!
قال: لماذا لا تحاول الخدمة في الجيش؟ - هاه؟! - كمدني أعني. إنهم يستخدمون ألوف المدنيين. اذهب إلى البناية الكبرى قرب المرفأ وقدم استدعاءك.
وحين صعدت درجات تلك البناية، لم أدر كيف بلغتها؛ فإني لم أركب أي عجلة تمشي على دواليب، كذلك لم أذكر أن قدمي لمستا الأرض، غير أني أعرف من نفسي أني متى أردت الإسراع شددت على كتفي جناحين. «إني أطلب عملا.» أجبت الفتاة الأميركية التي سألتني: «هل في وسعي أن أسعفك؟» فناولتني ورقة ملأتها باسمي، وجنسيتي، وسيرة حياتي، واسم أبوي، وثقافتي، وأمضيت تلك العريضة ودفعتها إلى الفتاة سائلا: متى أعود؟
قالت: إن لم تكن في عجلة فاصبر قليلا، نحن في حرب ونفعل كل شيء بسرعة.
فجلست في قاعة الانتظار هنيهة، وسرعان ما عادت الفتاة مبتسمة قائلة: تفضل بمقابلة كابتن كلي.
وتبعتها إلى حيث أشارت، فنهض الكابتن وحياني وقدم إلي سيكارة قائلا: إني درست عريضة استدعائك. إن المعاش الذي ندفعه لك هو 150 دولارا. أراك تبتسم. إني أدري أن هذا المعاش لا يكيفك؛ أنتم المدنيين تدفعون دولارا ثمن عشرين سيكارة وثمانية دولارات ثمن كيلو لحم؛ لهذا دعوتك إلي. أراك تدعي أنك خريج الجامعة الأميركية في بيروت! هذا حسن، حسن جدا! إننا نحسبك كخريج جامعة أميركية في الولايات المتحدة ونجعل معاشك تسعمائة دولار ، أراك فرحا. إنما لا تتعجل، فنحن نريد برهانا قاطعا على أنك خريج الجامعة الأميركية في بيروت ... هل لك أن تأتيني بشهادتك؟
قلت: إنها ... - احترقت. هذا ما كنت أخشاه. - لا ... لم تحترق، ولكني أحرقتها خوفا من اليابانيين. غير أنه في وسعي أن آتيك بشهود ... - شهود؟ ما نفع الشهود. أنا في وسعي أن آتيك بشهود أنني أنا الرئيس روزفلت وغريتا غاربو. - لماذا لا تبرقون إلى بيروت؟ - التلغرافات هي للأمور الحربية فقط، ولكن تعال معي إلى ج2؛ دائرة الاستخبارات؛ هناك يعرفون متى حشوت ضرسك، وماذا همست في أذن حبيبتك إذ قبلتها لأول مرة. هيا بنا فمكتبهم في البناية المقابلة.
ومشينا معا، ولم أستغرب الأهمية التي يعلقونها على الجامعة الأميركية في بيروت؛ فإني ما حدثت أميركيا إلا وجدت أنه قد سمع بتلك الجامعة؛ فمعظمهم يجهلون أين هي سوريا أو لبنان، ولكنهم يعرفون الجامعة الأميركية في بيروت ... إنها مؤسسة ثقافية عظمى مكانها إسطمبول أو أثينا أو القاهرة، وربما كانت في القدس أو بغداد.
وودعني الكابتن كلي بعد أن عرفني إلى الماجور ملر وخوفني منه قائلا - مشيرا إلى ملر: «حذار من هذا الذئب، لئن دعاك إلى سهرة فارفض الدعوة.» ثم زاد: «لئن جئتهم بالبرهان القاطع أنك خريج جامعة بيروت، فابدأ عملك في صباح الغد بمعاش تسعمائة دولار.» فشكرته وانصرف.
أما ملر فقد كان سريع الخطا، قلق الصوت، يختطف الكلام، ولكنه كأكثر الأميركان، مصقول التهذيب لطيف، ففتح الباب الذي وراء طاولته ودعاني: «لنمش إلى الشرق الأوسط؛ إنه في الجناح الأيسر من هذه البناية.»
Неизвестная страница