Насихат верующих из возрождения наук религии

Ибн Мухаммад Джамал ад-Дин аль-Касими d. 1332 AH
53

Насихат верующих из возрождения наук религии

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

Исследователь

مأمون بن محيي الدين الجنان

Издатель

دار الكتب العلمية

تَعَالَى: (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) [ص: ٣٠، ٤٤] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَقَالَ ﷺ: «مَنْ أَسْدَى إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِيعُوا فَادْعُوَا لَهُ حَتَّى تَعْلَمُوا أَنْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ» وَمِنْ تَمَامِ الشُّكْرِ أَنْ يَسْتُرَ عُيُوبَ الْعَطَاءِ إِنْ كَانَ فِيهِ عَيْبٌ وَلَا يُحَقِّرَهُ وَلَا يَذُمَّهُ وَلَا يُعَيِّرَهُ بِالْمَنْعِ إِذَا مَنَعَ، وَيُفَخِّمُ عِنْدَهُ نَفْسَهُ وَعِنْدَ النَّاسِ صَنِيعَهُ، فَوَظِيفَةُ الْمُعْطِي الِاسْتِصْغَارُ وَوَظِيفَةُ الْقَابِضِ تَقَلُّدُ الْمِنَّةِ وَالِاسْتِعْظَامِ، وَعَلَى كُلِّ عَبْدٍ الْقِيَامُ بِحَقِّهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يُنَاقِضُ رُؤْيَةَ النِّعْمَةِ مِنَ اللَّهِ ﷿، فَإِنَّ مَنْ لَا يَرَى الْوَاسِطَةَ وَاسِطَةً فَقَدْ جَهِلَ، وَإِنَّمَا الْمُنْكَرُ أَنْ يَرَى الْوَاسِطَةَ أَصْلًا. الثَّالِثَةُ: أَنْ يَنْظُرَ فِيمَا يَأْخُذُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ حِلِّهِ تَوَرَّعَ عَنْهُ، فَلَا يَأْخُذُ مِمَّنْ أَكْثَرُ كَسْبِهِ مِنَ الْحَرَامِ إِلَّا إِذَا ضَاقَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ، وَكَانَ مَا يُسَلَّمُ لَهُ لَا يَعْرِفُ لَهُ مَالِكًا مُعَيَّنًا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، فَإِنَّ فَتْوَى الشَّرْعِ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ وَذَلِكَ إِذَا عَجَزَ عَنِ الْحَلَالِ. الرَّابِعَةُ: أَنْ يَتَوَقَّى مَوَاقِعَ الرِّيبَةِ وَالِاشْتِبَاهِ فِي مِقْدَارِ مَا يَأْخُذُهُ فَلَا يَأْخُذُ إِلَّا الْمِقْدَارَ الْمُبَاحَ، وَلَا يَأْخُذُ إِلَّا إِذَا تَحَقَّقَ أَنَّهُ مَوْصُوفٌ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ، ثُمَّ إِذَا تَحَقَّقَتْ حَاجَتُهُ فَلَا يَأْخُذَنَّ مَالًا كَثِيرًا بَلْ مَا يُتَمِّمُ كِفَايَتَهُ مِنْ وَقْتِ أَخْذِهِ إِلَى سَنَةٍ، فَهَذَا أَقْصَى مَا يُرَخَّصُ فِيهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ادَّخَرَ لِعِيَالِهِ قُوتَ سَنَةٍ. وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ لِلْفَقِيرِ أَنْ يَأْخُذَ مِقْدَارَ مَا يَشْتَرِي بِهِ ضَيْعَةً فَيَسْتَغْنِيَ بِهِ طُولَ عُمُرِهِ أَوْ يُهَيِّئَ بِضَاعَةً لِيَتَّجِرَ بِهَا وَيَسْتَغْنِيَ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْغِنَى، وَقَدْ قَالَ «عمر» ﵁: إِذَا أَعْطَيْتُمْ فَأَغْنُوا. حَتَّى ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ مَنِ افْتَقَرَ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِقَدْرِ مَا يَعُودُ بِهِ إِلَى مِثْلِ حَالِهِ وَلَوْ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ. وَلَمَّا تَبَرَّعَ «أبو طلحة» ﵁ بِبُسْتَانِهِ، قَالَ لَهُ ﷺ: «اجْعَلْهُ فِي قَرَابَتِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» فَأَعْطَاهُ «حسان» وَ«أبا قتادة» فَحَائِطٌ مِنْ نَخْلٍ لِرَجُلَيْنِ كَثِيرٌ مُغْنٍ.

1 / 56