Насихат верующих из возрождения наук религии

Ибн Мухаммад Джамал ад-Дин аль-Касими d. 1332 AH
115

Насихат верующих из возрождения наук религии

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

Исследователь

مأمون بن محيي الدين الجنان

Издатель

دار الكتب العلمية

شَفَقَةُ التَّاجِرِ عَلَى دِينِهِ: لَا يَنْبَغِي لِلتَّاجِرِ أَنْ يَشْغَلَهُ مَعَاشُهُ عَنْ مَعَادِهِ فَيَكُونَ عُمْرُهُ ضَائِعًا وَصَفْقَتُهُ خَاسِرَةً، وَمَا يَفُوتُهُ مِنَ الرِّبْحِ فِي الْآخِرَةِ لَا يَفِي بِهِ مَا يَنَالُ فِي الدُّنْيَا، فَيَكُونُ مِمَّنِ اشْتَرَى الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ، بَلِ الْعَاقِلُ يَنْبَغِي أَنْ يُشْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ، وَشَفَقَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ بِحِفْظِ رَأْسِ مَالِهِ، وَرَأْسُ مَالِهِ دِينُهُ وَتِجَارَتُهُ فِيهِ، وَإِنَّمَا تَتِمُّ شَفَقَتُهُ عَلَى دِينِهِ بِمُرَاعَاةِ سَبْعَةِ أُمُورٍ: الْأَوَّلُ: حُسْنُ النِّيَّةِ فِي ابْتِدَاءِ التِّجَارَةِ، فَلْيَنْوِ بِهَا الِاسْتِعْفَافَ عَنِ السُّؤَالِ وَكَفَّ الطَّمَعِ عَنِ النَّاسِ اسْتِغْنَاءً بِالْحَلَالِ عَنْهُمْ وَاسْتِعَانَةً بِمَا يَكْسِبُهُ عَلَى الدِّينِ وَقِيَامًا بِكِفَايَةِ الْعِيَالِ لِيَكُونَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُجَاهِدِينَ بِهِ. وَلْيَنْوِ النُّصْحَ لِلْمُسْلِمِينَ وَأَنْ يُحِبَّ لِسَائِرِ الْخَلْقِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ، وَلْيَنْوِ اتِّبَاعَ طَرِيقِ الْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ فِي مُعَامَلَتِهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ، وَلْيَنْوِ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فِي كُلِّ مَا يَرَاهُ فِي السُّوقِ. فَإِذَا أَضْمَرَ هَذِهِ النِّيَّاتِ كَانَ عَامِلًا فِي طَرِيقِ الْآخِرَةِ، فَإِنِ اسْتَفَادَ مَالًا فَهُوَ مَزِيدٌ، وَإِنْ خَسِرَ فِي الدُّنْيَا رَبِحَ فِي الْآخِرَةِ. الثَّانِي: أَنْ يَقْصِدَ الْقِيَامَ فِي صَنْعَتِهِ أَوْ تِجَارَتِهِ بِفَرْضٍ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ، فَإِنَّ الصِّنَاعَاتِ وَالتِّجَارَاتِ لَوْ تُرِكَتْ بَطَلَتِ الْمَعَايِشُ وَهَلَكَ أَكْثَرُ الْخَلْقِ، فَانْتِظَامُ أَمْرِ الْكُلِّ بِتَعَاوُنِ الْكُلِّ وَتَكَفُّلِ كُلِّ فَرِيقٍ بِعَمَلٍ، وَمِنَ الصِّنَاعَاتِ مَا هِيَ مُهِمَّةٌ، وَمِنْهَا مَا يُسْتَغْنَى عَنْهَا لِرُجُوعِهَا إِلَى طَلَبِ التَّنَعُّمِ وَالتَّزَيُّنِ فِي الدُّنْيَا، فَلْيَشْتَغِلْ بِصِنَاعَةٍ مُهِمَّةٍ لِيَكُونَ لِقِيَامِهِ بِهَا كَافِيًا عَنِ الْمُسْلِمِينَ مُهِمًّا فِي الدِّينِ. الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَمْنَعَهُ سُوقُ الدُّنْيَا عَنْ سُوقِ الْآخِرَةِ، وَأَسْوَاقُ الْآخِرَةِ الْمَسَاجِدُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ) [النُّورِ: ٣٧] وَكَانَ السَّلَفُ يَبْتَدِرُونَ عِنْدَ الْأَذَانِ، وَيُخْلُونَ الْأَسْوَاقَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ وَالصِّبْيَانِ. الرَّابِعُ: أَنْ لَا يَقْتَصِرَ عَلَى هَذَا بَلْ يُلَازِمَ ذِكْرَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِي السُّوقِ وَيَشْتَغِلَ بِالتَّهْلِيلِ وَالتَّسْبِيحِ، فَذِكْرُ اللَّهِ فِي السُّوقِ بَيْنَ الْغَافِلِينَ أَفْضَلُ. الْخَامِسُ: أَنْ لَا يَكُونَ شَدِيدَ الْحِرْصِ عَلَى السُّوقِ وَالتِّجَارَةِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ أَوَّلَ دَاخِلٍ وَآخِرَ خَارِجٍ. السَّادِسُ: أَنْ لَا يَقْتَصِرَ عَلَى اجْتِنَابِ الْحَرَامِ بَلْ يَتَّقِيَ مَوَاقِعَ الشُّبُهَاتِ وَمَظَانَّ الرِّيَبِ وَيَسْتَفْتِيَ قَلْبَهُ، فَإِذَا وَجَدَ فِيهِ حَزَازَةً اجْتَنَبَهُ، وَإِذَا حُمِلَ إِلَيْهِ سِلْعَةٌ رَابَهُ أَمْرُهَا سَأَلَ عَنْهَا، وَكُلُّ مَنْسُوبٍ إِلَى ظُلْمٍ أَوْ خِيَانَةٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ رِبًا فَلَا يُعَامِلُهُ. السَّابِعُ: يَنْبَغِي أَنْ يُرَاقِبَ جَمِيعَ مَجَارِيَ مُعَامَلَتِهِ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مُعَامِلِيهِ فَإِنَّهُ مُرَاقَبٌ وَمُحَاسَبٌ فَلْيَعُدَّ الْجَوَابَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ.

1 / 118