Насихат верующих из возрождения наук религии

Ибн Мухаммад Джамал ад-Дин аль-Касими d. 1332 AH
111

Насихат верующих из возрождения наук религии

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

Исследователь

مأمون بن محيي الدين الجنان

Издатель

دار الكتب العلمية

الثَّانِي: أَنْ يُظْهِرَ جَمِيعَ عُيُوبِ الْمَبِيعِ خَفِيِّهَا وَجَلِيِّهَا وَلَا يَكْتُمُ مِنْهَا شَيْئًا فَذَلِكَ وَاجِبٌ، فَإِنْ أَخْفَاهُ كَانَ ظَالِمًا غَاشًّا وَالْغِشُّ حَرَامٌ، وَكَانَ تَارِكًا لِلنُّصْحِ فِي الْمُعَامَلَةِ وَالنُّصْحُ وَاجِبٌ ; وَمَهْمَا أَظْهَرَ أَحْسَنَ وَجْهَيِ الثَّوْبِ وَأَخْفَى الثَّانِيَ كَانَ غَاشًّا، وَكَذَلِكَ إِذَا عَرَضَ الثِّيَابَ فِي الْمَوَاضِعِ الْمُظْلِمَةِ، وَكَذَلِكَ إِذَا عَرَضَ أَحْسَنَ فَرْدَيِ الْخُفِّ أَوِ النَّعْلِ وَأَمْثَالِهِ. وَيَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الْغِشِّ مَا رُوِيَ أَنَّهُ مَرَّ ﵇ بِرَجُلٍ يَبِيعُ طَعَامًا فَأَعْجَبَهُ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فَرَأَى بَلَلًا فَقَالَ: مَا هَذَا؟ " قَالَ: " أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ " فَقَالَ: " فَهَلَّا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا. وَيَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ النُّصْحِ بِإِظْهَارِ الْعُيُوبِ مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا بَايَعَ " جريرا " عَلَى الْإِسْلَامِ ذَهَبَ لِيَنْصَرِفَ فَجَذَبَ ثَوْبَهُ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ النُّصْحَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، فَكَانَ جرير إِذَا قَامَ إِلَى السِّلْعَةِ يَبِيعُهَا بَصَّرَ عُيُوبَهَا ثُمَّ خَيَّرَهُ وَقَالَ: " إِنْ شِئْتَ فَخُذْ وَإِنْ شِئْتَ فَاتْرُكْ "، فَقِيلَ لَهُ: " إِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ مِثْلَ هَذَا لَمْ يَنْفُذْ لَكَ بَيْعٌ ". فَقَالَ: " إِنَّا بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى النُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. وَكَانَ " وَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ " وَاقِفًا فَبَاعَ رَجُلٌ نَاقَةً لَهُ بِثَلَثِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَغَفَلَ واثلة وَقَدْ ذَهَبَ الرَّجُلُ بِالنَّاقَةِ، فَسَعَى وَرَاءَهُ وَجَعَلَ يَصِيحُ بِهِ: يَا هَذَا أَشْتَرَيْتَهَا لِلَّحْمِ أَوْ لِلظَّهْرِ؟ فَقَالَ: بَلْ لِلظَّهْرِ، فَقَالَ: إِنَّ بِخُفِّهَا نَقْبًا قَدْ رَأَيْتُهُ وَإِنَّهَا لَا تُتَابِعُ السَّيْرَ، فَعَادَ فَرَدَّهَا، فَنَقَصَهَا الْبَائِعُ مِائَةَ دِرْهَمٍ قَالَ: " لواثلة ": " رَحِمَكَ اللَّهُ أَفْسَدْتَ عَلَيَّ بَيْعِي " فَقَالَ: إِنَّا بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى النُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يَبِيعُ بَيْعًا إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ آفَتَهُ وَلَا يَحِلُّ لِمَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ إِلَّا تَبْيِينُهُ. فَقَدْ فَهِمُوا مِنَ النُّصْحِ أَنْ لَا يَرْضَى لِأَخِيهِ إِلَّا مَا يَرْضَاهُ لِنَفْسِهِ، وَلَمْ يَعْتَقِدُوا أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْفَضَائِلِ وَزِيَادَةِ الْمَقَامَاتِ بَلِ اعْتَقَدُوا أَنَّهُ مِنْ شُرُوطِ الْإِسْلَامِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ بَيْعَتِهِمْ، وَهَذَا الْأَمْرُ وَإِنْ كَانَ يَشُقُّ عَلَى النَّفْسِ إِلَّا أَنَّهُ يَتَيَسَّرُ عَلَى الْعَبْدِ بِاعْتِقَادِ أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ تَلْبِيسَهُ الْعُيُوبَ وَتَرْوِيجَهُ السِّلَعَ لَا يَزِيدُ فِي رِزْقِهِ بَلْ يَمْحَقُهُ وَيَذْهَبُ بِبَرَكَتِهِ، وَقَدْ يُهْلِكُ اللَّهُ مَا يَجْمَعُهُ مِنَ التَّلْبِيسَاتِ دَفْعَةً وَاحِدَةً. فَقَدْ حُكِيَ أَنَّ وَاحِدًا كَانَ لَهُ بَقَرَةٌ يَحْلُبُهَا وَيَخْلِطُ بِلَبَنِهَا الْمَاءَ وَيَبِيعُ فَجَاءَ سَيْلٌ فَغَرَّقَ الْبَقَرَةَ فَقَالَ بَعْضُ أَوْلَادِهِ: " إِنَّ تِلْكَ الْمِيَاهَ الْمُتَفَرِّقَةَ الَّتِي صَبَبْنَاهَا فِي اللَّبَنِ اجْتَمَعَتْ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَأَخَذَتِ الْبَقَرَةَ "، كَيْفَ وَقَدْ قَالَ ﷺ: الْبَيِّعَانِ إِذَا

1 / 114