Насихат верующих из возрождения наук религии

Ибн Мухаммад Джамал ад-Дин аль-Касими d. 1332 AH
100

Насихат верующих из возрождения наук религии

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

Исследователь

مأمون بن محيي الدين الجنان

Издатель

دار الكتب العلمية

مَا يُرَاعَى مِنْ أَحْوَالِ الْمَرْأَةِ: الْخِصَالُ الْمُطَيِّبَةُ لِلْعَيْشِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاتِهَا فِي الْمَرْأَةِ لِيَدُومَ الْعَقْدُ وَتَتَوَفَّرَ مَقَاصِدُهُ ثَمَانٍ: الدِّينُ، وَالْخُلُقُ، وَالْحُسْنُ، وَخِفَّةُ الْمَهْرِ، وَالْوِلَادَةُ وَالْبَكَارَةُ، وَالنَّسَبُ، وَأَنْ لَا تَكُونَ قَرَابَةٌ قَرِيبَةٌ. الْأُولَى: أَنْ تَكُونَ صَالِحَةً ذَاتَ دِينٍ فَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَبِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ الِاعْتِنَاءُ، فَإِنَّهَا إِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةَ الدِّينِ فِي صِيَانَةِ نَفْسِهَا وَفَرْجِهَا أَزْرَتْ بِزَوْجِهَا وَسَوَّدَتْ بَيْنَ النَّاسِ وَجْهَهُ وَشَوَّشَتْ بِالْغَيْرَةِ قَلْبَهُ وَتَنَغَّصَ بِذَلِكَ عَيْشُهُ، فَإِنْ سَلَكَ سَبِيلَ الْحَمِيَّةِ وَالْغَيْرَةِ لَمْ يَزَلْ فِي بَلَاءٍ، وَإِنْ سَلَكَ سَبِيلَ التَّسَاهُلِ كَانَ مُتَهَاوِنًا بِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْسُوبًا إِلَى قِلَّةِ الْحَمِيَّةِ وَالْأَنَفَةِ. وَإِنْ كَانَتْ فَاسِدَةَ الدِّينِ بِاسْتِهْلَاكِ مَالِهِ أَوْ بِوَجْهٍ آخَرَ لَمْ يَزَلِ الْعَيْشُ مُشَوَّشًا مَعَهُ، فَإِنْ سَكَتَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ كَانَ شَرِيكًا فِي الْمَعْصِيَةِ مُخَالِفًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا) [التَّحْرِيمِ: ٦] وَإِنْ أَنْكَرَ وَخَاصَمَ تَنَغَّصَ الْعُمْرُ، وَلِهَذَا بَالَغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي التَّحْرِيضِ عَلَى ذَاتِ الدِّينِ فَقَالَ: تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِمَالِهَا وَجَمَالِهَا وَحَسَبِهَا وَدِينِهَا، فَعَلَيْكَ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ. الثَّانِيَةُ: حُسْنُ الْخُلُقِ فَإِنَّهَا إِذَا كَانَتْ سَلِيطَةً بَذِيئَةَ اللِّسَانِ كَافِرَةً لِلنِّعَمِ كَانَ الضَّرَرُ مِنْهَا أَكْثَرَ مِنَ النَّفْعِ، وَالصَّبْرُ عَلَى لِسَانِ النِّسَاءِ مِمَّا يُمْتَحَنُ بِهِ الْأَوْلِيَاءُ. الثَّالِثَةُ: حُسْنُ الْوَجْهِ فَذَلِكَ أَيْضًا مَطْلُوبٌ إِذْ بِهِ يَحْصُلُ التَّحَصُّنُ، وَالطَّبْعُ لَا يَكْتَفِي بِالدَّمِيمَةِ غَالِبًا، وَمَا نَقَلْنَاهُ مِنَ الْحَثِّ عَلَى الدِّينِ لَيْسَ زَجْرًا عَنْ رِعَايَةِ الْجَمَالِ بَلْ هُوَ زَجْرٌ عَنِ النِّكَاحِ لِأَجْلِ الْجَمَالِ الْمَحْضِ مَعَ الْفَسَادِ فِي الدِّينِ، فَإِنَّ الْجَمَالَ وَحْدَهُ فِي غَالِبِ الْأَمْرِ يُرَغِّبُ فِي النِّكَاحِ وَيُهَوِّنُ أَمْرَ الدِّينِ، وَيَدُلُّ عَلَى الِالْتِفَاتِ إِلَى مَعْنَى الْجَمَالِ أَنَّ الْإِلْفَ وَالْمَوَدَّةَ تَحْصُلَا بِهِ غَالِبًا، وَقَدْ نَدَبَ الشَّرْعُ إِلَى مُرَاعَاةِ أَسْبَابِ الْأُلْفَةِ وَلِذَلِكَ اسْتَحَبَّ النَّظَرَ فَقَالَ: إِذَا أَوْقَعَ اللَّهُ فِي نَفْسِ أَحَدِكُمْ مِنِ امْرَأَةٍ فَلْيَنْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَهُمَا أَيْ يُؤَلَّفَ بَيْنَهُمَا. وَكَانَ بَعْضُ الْوَرِعِينَ لَا يَنْكِحُونَ كَرَائِمَهُمْ إِلَّا بَعْدَ النَّظَرِ احْتِرَازًا مِنَ الْغُرُورِ، وَقَالَ «الْأَعْمَشُ»: «كُلُّ تَزْوِيجٍ يَقَعُ عَلَى غَيْرِ نَظَرٍ فَآخِرُهُ هَمٌّ وَغَمٌّ» . وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ عَلَى عَهْدِ «عمر» ﵁ وَكَانَ قَدْ خَضَبَ فَنَصَلَ خِضَابُهُ فَاسْتَعْدَى عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَرْأَةِ إِلَى «عمر» وَقَالُوا: «حَسِبْنَاهُ شَابًّا» فَأَوْجَعَهُ «عمر» ضَرْبًا وَقَالَ: «غَرَرْتَ الْقَوْمَ»، وَالْغُرُورُ يَقَعُ فِي الْجَمَالِ

1 / 103