وإذا قيل لك: لأي علة جعلت فيك الاستطاعة (¬1) ؟
فقل : لثلاثة أوجه : لدفع الآفات ورفع المحال ووضع الاحتجاج (¬2) .
[ الفرق بين الحركة والسكون
وحركة الاضطرار والاكتساب ]
وإذا قيل لك: ما الفرق بين الحركة والسكون ؟
فقل مرور الحال بعد الحال ووجود الشيء في مكانه. والمتحرك لا يمر عليه الحال إلا وهو متحرك (¬3) .
وإذا قيل لك : ما الفرق بين حركة المكتسب وحركة المضطر ؟
فقل : المكتسب يقصد ويختار والمضطر لا يقصد ولا يختار (¬4) . مسألة:
¬__________
(¬1) - أراد لأي علة خلق الله فيك الاستطاعة ، لأن الجعل من الله خلق ، فأجابه بتلك الوجوه الثلاثة .
(¬2) - والآفات هنا هي الزمانة لأن الاستطاعة دفاعة للزمانة . فأما رفع المحال، يريد به أن القوة إذا وجدت في الفاعل ارتفع المحال،أي الفعل منه في حال وجود القوة فيه، ليس بمحال .وأما وضع الاحتجاج ، فان الحجة على الفاعل إذا جعلت فيه الاستطاعة واقعة ولا عذر له في الترك .
(¬3) - وهذا الجواب صواب عندنا ، لأن جواب كل سائل يسأل عن الفرق بين الضدين أن يعبر عن صفة كل ضد منها ولا يجتزأ في هذا الباب بذكر إحدى الصفتين دون الأخرى ، وليس الجواب في باب العام والخاص كالجواب في باب المتضادد . وقد فرق بينهما صاحب الكتاب، وذلك حين سأل في صدر الكتاب عن الفرق بين الشرك والكفر.
(¬4) - هذه المسألة من باب المتضادد، ولذلك لم يجتز بذكر أحدى الصفتين عن الأخرى . وهو لم يرد هاهنا الفرق بين الحركتين ، وإنما أراد الفرق بين الاضطرار والاكتساب ، وإنما ذكر الحركة لما جرى ذكرها في المسألة التي قبلها ويدل على ذلك جوابه حيث قال :بأن المكتسب يقصد ويختار، والمضطر لا يقصد ولا يختار. وقال المتكلمون:إن القصد والاختيار والاكتساب والإرادة فعل القلب ،= = وينسب ذلك إلى الجوارح مجازا لا حقيقة.وأما الإكراه والاضطرار والجبر، فهو فعل الذي أكرهه على ما ليس من فعل الذي أكره .
Страница 37