221

Матмах Анфус

مطمع الأنفس ومسرح التأنس في ملح أهل الأندلس

Редактор

محمد علي شوابكة

Издатель

دار عمار

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٠٣ هـ - ١٩٨٣ م

Место издания

مؤسسة الرسالة

وانتضى من تلك القُمص، وكان بثَغر الأُشبُونة أدام الله حِراسَتها فسدَّهُ ولم ينفرج لنا من الأنس بَعدَه ما يسدُّ مَسدَّهُ، إلى أن صَدَر، فأسرع إلينا وابتدَر، فالتقينا وبتناها ليلة نام عنها الدهر وغَفَل، وقام لنا بما شِئنَا فيها وتكفَّل، فبينا نحن نفضُّ خِتامَها ونَنفُض عنّا غِبَار الوَحشة وقَتَامها، إذ أنا بابن لسان هذا وقد دخل أذنه علينا فأمرناه بالنزول والتقيناه بترحيب، وأنزلناه بمكان من المسرّة رحيب، وسقيناه صغارًا وكبارًا، وأريناه إعظامًا وإكبارًا، فلمّا شَرب طرب، وكلّما كَرَعها،
التحف السَّلوَة وتدرَّعها، وما زال يشرب أقدَاحًا وينشد فينا أمدَاحًا، ويفدي بنفسه، ويَستهدي الاستزداة من أُنسه فهتكنا الظلام بما أهداه من البديع، واجتَلينَا محاسنه كالصَّريع وانفصَلت لَيلتُه عن أتمّ مسرَّة، وأعمّ مبرّة، وارتحل عثمان أعزه الله تعالى إلى ثغره، وأقام برهة من دهره، فمشيت بها إليه مجدّدًا عَهدًا، ومتضلِّعًا من مؤانسته شهدا، فكتب ابن لسان هذه القطعة من قصيدة، يذهب إلى

1 / 378