Матмах Амал
مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال
Жанры
هذا: وقد عرفت الحالة المقتضية للتأكيد، وهي أن السامع ربما توهم في حكمك بالمسند على المسند إليه أنك تجوزت فيه، أي نسبت المسند إلى غير ما هو له بتأويل على طريق المجاز العقلي، أو سهوت عنه بأن غفلت عما هو لهن فذكرت غيره مكانه أو نسبته فوضعت غيره موضعه؛ والسهو ما ينبه له صاحبه بأدنى تنبيه؛ لأنه زوال الصورة عن المدركة فقط دون النسيان، فإنه زوالها عن المدركة والحافظة معا، فيحتاج إلى تحصيلها ابتداء، فإن أردت دفع ذلك التوهم أكدت المسند إليه تأكيدا لفظيا، إما بإعادة لفظه بعينه نحو: عرف زيد زيد؛ وإما بذكر ما هو في حكم إعادته مثل: عرفت أنا؛ فيندفع توهمه للتجوز والسهو والنسيان، أو تأكيدا معنوي بلفظ معنويا بلفظ النفس والعين، فيندفع به توهم التجوز دون السهو والنسيان؛ لاحتمال دفع أن يتوهم وقوع زيد نفسه موقع عمرو نفسه سهوا ونسيانا، وربما كان القصد بتأكيد المسند إليه التأكيد اللفظي والمعنوي مجرد تقريره، أي: تحقيق معناه في ذهن السامع، فإنك إذا قلت: جاءني زيد وتوهمت أن معنى زيدا لم يتقرر في ذهن السامع أكدته بإعادته لتقرره فيه ، وإنما قلنا مجرد التقرير تنبيها على أنما تقدم مشتمل على التقرير أيضا، إلا أنه قصد به شيء آخر من دفع التجوز أو غيره، فإن التأكيد اللفظي ذكر للشيء مرتين، فتقييد تقريره قطعا، ولفظ نفسه وعينه في قوة التكرير فلا يخلو من التكرير، وكذلك إذا قلت: سعيت أنا في حاجتك يفيد القصر وأن قولك: سعيت أنا في حاجتك يقصد به دفع احتمال التجوز والسهو والنسيان، فيعلم من ذلك أن تكرير المسند إليه في نحو: أنا عرفت. لا يفيد ذلك التوهم إنما يفيده تكريره على وجه التأكيد، فتكون إرادة دفعه مقتضية لتأكيد المسند إليه لا لتكريره، وكذلك إذا أردت[56ب] ألا يظن بك السامع في حكمك إرادة خلاف الشمول والإحاطة، فإن المسند إليه إذا كان عاما أي ذا أجزاء يصح أن يقصد به بعضها جاز أن يتوهم السامع أنك قصدت بعضها، فلا يكون الحكم شاملا محيطا، فتؤكده بكل دفعا للتجوز اللغوي كقولك: جاءني الرجال كلهم؛ وليس يندفع توهم السهو، أو النسيان، أو التجوز العقلي بجواز أن لا يتوهم أن الرجال كلهم وقع موقع الزيدون كلهم إما سهوا أو نسيانا، أو أن يتوهم أن المجيء منسوب إلى جميع الرجال المعهودين على طريقة المجاز العقلي، بأن يكون المجيء لعلمائهم كما يظهر ذلك في قولك: جاءني الأمراء كلهم، وأما جاءني الرجلان كلاهما فقد قيل: إنه لتقرير الشمول لا لدفع خلافه؛ إذ المثنى نص في مدلوله، ولا يجوز أن يقصد به بعضه، وقيل: لدفع خلاف الشمول في الحكم بناء على أن الفعل الصادر من أحد المصاحبين مسندا إليهما، قيل: نظيره ?يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان?[الرحمن:22] مع أن الخارج من المالح وحده، فيكون حينئذ لدفع التجوز العقلي دون اللغوي، ولهذا تتمة ليس هذا موضعها.
وأما البدل فيبدل حيث كان القصد فيه تكرير الحكم، والتقرير أمر زائد ففيه أمران:
أحدهما: تكرير الحكم به، وذلك لكون البدل في حكم تكرير العامل بناء على أنه المقصود بالنسبة، فيتكرر العامل والانتساب، وأيضا ورود البدل مع تكرر العامل صريحا كثير، كقوله تعالى: ?للذين استضعفوا لمن آمن منهم?[الأعراف:75].
والثاني: زيادة التقرير والإيضاح؛ وذلك لأن كون المسند إليه مذكورا بعد توطئة تقتضي ذكره مرتين، فيوجب تقريره وإيضاحه قطعا، وكونه مذكورا مرتين ظاهر في بدل الكل وفي بدل البعض أيضا؛ لأن البعض مذكور في ضمن الكل قطعا.
وأما في الاشتمال فلأن قولك: سلب زيد ثوبه بمعنى سلب شيء زيدا ثوبه، ومن ثم يقال في بدل الاشتمال: ذكر المسند إليه إجمالا ثم تفصيلا في[57أ] وكذا ذكر إجمالا ثم تفصيلا في بدل البعض، فهما في الإيضاح أقوى من بدل الكل، وإن كانا أضعف منه في التقرير.
Страница 259