Матмах Амал
مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال
Жанры
فكان من عيون الأئمة الذي كشف الله به كل غمة وعلمه وزهده [38أ]وورعه وتباعده من الشبه فما لا يجهله أحد من أوليائه ولا ينكره شخص من أرباب الفضل وأنبائه كما صرح به عليه السلام عن نفسه في خطبته عند خروجه من الأمر يقول في أثنائها: (ثم إنكم معاشر المسلمين أقبلتم إلي عند وفاة الهادي [عليه السلام] وأردتموني على قبول بيعتكم فامتنعت مما سألتموني ودافعت بالأمر ولم أوئسكم من إجابتكم إلى ما طلبتم مني خوفا من استيلاء القرمطي علي بن الفضل لعنه الله على بلادكم وتعرضه للأيتام والضعفاء والأرامل منكم، فأجريت أموركم على ما كان الهادي [عليه السلام] يجريها، ولم أتلبس بشيء من دنياكم ولم أتناول قليلا ولا كثيرا من أموالكم؛ فلما أخزى الله القرمطي ?وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا?[الأحزاب:25] تدبرت أمري وأمركم ونظرت فيما أتعرضه من أجلافكم، فوجدت أموركم تجري على غير سنتها، وألفيتكم تميلون إلى الباطل وتنفرون عن الحق وتستخفون بأهل الخير والصلاح والدين والورع منكم لا تتناهون عن منكر تفعلونه ولا تستحيون من قبح تأتونه وذنب عظيم ترتكبونه إلى قوله: فلما لم أجد فيكم من يعين الصادق المحق ويرغب في المعروف ويرغب في الجهاد ويختار رضى الله سبحانه على رضى المخلوقين إلا القليل أنزلت هذه الدنيا من نفسي أخس المنازل وآثرت الآخرة فاخترت الباقي الدائم على الفاني الزائل وتمسكت بطاعة رب العالمين إلى قوله: فإن تقم علي لله بعد ذلك حجة، ووجدت على الحق أعوانا وفي الدين إخوانا قمت بأمر الله طالبا لثوابه حاكما بكتابه وإن لم أجد على ذلك أعوانا لم أدخل بعد ذلك في الشبهة، ولم أتلبس بما ليس لي عند الله به حجة؛ أمثلي يدخل في الأمور الملتبسة!! هيهات منع من ذلك خوف الرحمن، وتلاوة القرآن إلى آخر ما قال عليه السلام.
ومن تدبر هذا الكلام علم خروجه من قلب خاشع، وعبد خاضع، لم تغره الدنيا ببهجتها، ولم تستهوه الخلافة بزينتها، بل تركها وعرف ما أوجب عليه تركها، واعتزل الناس جانبا، وعبد الله حتى أتاه اليقين رضوان الله عليه.
Страница 188