Матмах Амал
مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال
Жанры
فقال الفتح: وما يضر من تجربة ذلك، فوضعوه عليه فانفتح من ليلته وشفي، فبعثت إليه أمه بعشرة آلاف دينار من مالها وبعث إليه المتوكل بفضلة كيس فيه خمسمائة دينار، ثم سعى به البطحاني إلى المتوكل وقال: عنده أموال وسلاح ولا آمن من خروجه عليك؛ فأمر سعيد الحاجب أن يهجم عليه ليلا، فهجم عليه في جماعة من الأنجاد بالسلاسل وصعدنا إلى السطح وفتحنا عليه بالشموع فلم نجد في داره شيئا غير كيسين، إحداهما كبير مختوم والآخر صغير فيه فضلة وسيف في جفن خلق وهو قائم يصلي على حصير وعليه جبة صوف وقلنسوة فما ارتاع ولا اكترث.
قال: فأخذت الكيسين والسيف، وسرت بها إلى المتوكل وأخبرته بما رأيت منه، فوجد على الكيس المملوء ختم أمه، فسألها فأخبرته بنذرها، فأضاف إلى الخمسمائة في الصغير مثلها، وقال لسعيد: اردد إليه الكيسين والسيف واعتذر لنا منه؛ فرددتها واعتذرت له وطلبت الحل منه فقال: يا سعيد ?وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون?[الشعراء:227].
وذكر القاضي أحمد بن خلكان أنه حمل على هيئته إلى المتوكل؛ والمتوكل يشرب، فأعظمه وأجلسه إلى جانبه فناوله الكأس فقال: يا أمير المؤمنين ما خامرني قط، فأعفاه واستنشده شعرا فأنشده:
غلب الرجال فما أغنتهم القلل
فأودعوا حفرا يا بئس ما نزلوا
أين الأسرة والتيجان والحلل
من دونها تضرب الأستار والكلل
تلك الوجوه عليها الدود تقتتل
فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا[28أ]
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم
واستنزلوا بعد عز من معاقلهم
ناداهم صارخ من بعد ما قبروا
أين الوجوه التي كانت منعمة
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم
قد طال ما أكلوا دهرا وما شربوا
فبكى المتوكل حتى بلت دموعه لحيته، ثم أمر برفع الشراب وقال: يا أبا الحسن عليك دين؟
قال: نعم أربعة آلاف دينار؛ فدفعت إليه ورده إلى منزله مكرما.
Страница 151