ومنها الرسالة التي تقوم على منفعة أمة من الأمم لحراستها في وجه الأمم الأخرى، والمثابرة على تذكيرها بحاجتها إلى تلك الحراسة.
ومنها الرسالة التي ينتظرها القوم تحقيقا لوعود متعاقبة يفسرها كل منهم بما يبتغيه.
ثم قامت بعد هذه الرسالات جميعا رسالة محمد - عليه السلام - فلم يستغرقها مقصد من هذه المقاصد؛ إذ لم تكن تكاليف زعامة ولا رسالة مقصورة على منفعة أمة، ولا تحقيقا لوعود منتظرة يفسرها كل واحد بما يبتغيه.
رسالة محمد - عليه السلام - رسالة إلهية قوامها أن الله حق وهدى، وأن الإيمان به جل وعلا مطلوب؛ لأنه حق وهدى، هذا الإيمان أعلى وأقدس من كل إيمان؛ لأنه إيمان بالحق والهدى.
لم تكن زعامة محمد على قومه مناط تلك الرسالة؛ لأنه جاء بها بشرا كسائر البشر، عليه من أمانة الهداية ما على الإنسان للإنسان زعيما كان أو غير زعيم.
ولم تكن منفعة الأمة العربية مناط تلك الرسالة؛ لأنها إيمان برب العالمين، ولا فضل فيها لعربي على أعجمي ولا لقرشي على حبشي إلا بالتقوى.
ولم تكن مقاضاة لوعود؛ لأن الإسلام لم يعد أحدا من العالمين بغير ما وعد به الناس كافة في جميع البقاع والأرضين.
نزاهة العبادة
تعود بعض المصابين بداء الهذر من المؤرخين الغربيين أن يتكلموا عن نزاهة العبادة، ويذكروا النعيم السماوي كما وصفه الإسلام بين النقائض التي تقدح في العبادة النزيهة.
وما من دين من الأديان خلا من مبدأ الثواب والعقاب، وما من أمة من الأمم في عصر الدعوة الإسلامية كانت صور النعيم السماوي عندها مقصورة على صورة واحدة تؤمن بها ولا تؤمن بغيرها.
Неизвестная страница