47

يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو [الأعراف: 187].

قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون [الأعراف: 188].

قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون [الأنعام: 50].

وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو [الأنعام: 59].

وآية الآيات مسألة «المعجزات» في الدعوة المحمدية، فليست المعجزة ممتنعة إذا أرادها خالق الكون كله وخالق السنن التي يجريه عليها، ولكن المعجزة لا تنفع من لا ينفعه عقله، ولا تقنع المكابر المبطل إذا أصر على اللجاجة في باطله:

ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون * لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون [الحجر: 14، 15].

ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين [يونس: 20].

وقد كان الناس ينظرون على حوادث الفلك فيحسبونها من الآيات، فينهاهم أن يخلطوا بين حوادث الفلك وحوادث الحياة والموت، وكذلك كسفت الشمس عند موت إبراهيم ابنه - عليه السلام - فقال الناس: إنها كسفت لموته. فلم يمهلهم أن يسترسلوا في ظنهم وهو محزون الفؤاد على أحب أبنائه إليه، بل أنكر عليهم ذلك الظن، ورآها فرصة للتعليم، ولم يرها فرصة للدعوة، فقال: «إنما الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تكسفان لموت أحد ...»

وخلصت النبوة كلها لمهمتها الكبرى، وهي هداية الضمير الإنساني في تمام وعيه وإدراكه، فانقطع ما بينها وبين كل صناعة أو حيلة، كان يستعان بها قديما على التأثير في العقول من طريق الحس المخدوع.

فليس في النبوة سحر ولا كهانة، ولا هي شعر يزخرفه قائله:

Неизвестная страница