221

بحر الذنوب إن في أمواجه ... ما ليس ينجي منه في ارتجاجه

إلا الطواف إن في مواجه ... فلك النجا للوفد من حجاجه

فاز فتى عن القبيح أقلعا ... وبالطواف في الدجا تولعا

ومن نمير زمزم تضلعا ... وأفرغ الدمع وفيها اطلعا

ثم سعى بالمروتين والصفا ... وكان من جملة إخوان الصفا

متبعا هدي النبيء المصطفى ... وسالكا شعب الهداة الحنفا

ثم نهض يوم التروية إلى منى، فصلى بها العصرين والعشائين وفجر يوم السعادة والهناء، ونهض إلى عرفات بالتهليل والتكبير والتلبية معلنا، فوقف في ذلك الموقف المشهود، وتحرى لوقوفه، فوقف يوم الحج الأكبر ما بين الصخرات السود، فذلك موقف النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - المحمود، رافعا يديه بالدعاء المأثور، واضعا خديه على العفر مستغفرا للعزيز الغفور، جامعا للعصرين بأذان وإقامتين، مفيضا إلى مزدلفة بعد الغروب من بين العلمين، فلما وصل جمعا، وبات فيها جامعا بين العشائين تأخيرا جمعا، دفع قبل الشروق إلى منى دفعا، ذاكرا لله كما أمر سبحانه عند المشعر الحرام وبمحسره يسعى، ولما استقر بمنى ثلاثها المعدودات، وبات واجب لياليها الثلاث المباركات المشهودات، ورمى جمارها الثلاث بسبع سبع مرتبات، قضى تفثه محلقا مقصرا، وفك زرار إحرامه محلقا لا مقصرا، ونفر يوم الصدر إلى بيت الله مع وفاده وحدانا وزمرا، فطاف طواف الزيارة المفروض، وفض قماع دمع عينه المفضوض، مواضبا على الفرائض والنوافل، مغتنما لفضيلة الصلاة في بيت الله الحرام التي تفضل مائة ألف صلاة في غيره كما قال سيد الأواخر والأوائل، متنعما بمشاهدة الكعبة البيت الحرام في البكر والأصايل، مجانبا لمحظوري الحرم والإحرام، لئلا يخدش جبين ما ساق الله إليه من الفضائل الحلائل، فذلك لعمري، بل لعمر الله هو الحري بأن يهنى بقول القائل:

Страница 245