وقد قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ وقال المفسرون المحققون السلفيون المتبعون في قول الله تعالى: ﴿وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ أي لا يرجون سواه ولا يقصدون إلا إياه ولا يلوذون إلا بجنابه ولا يطلبون الحوائج إلا منه ولا يرغبون إلا إليه ويعلمون أنه ما شاء كان وما لم يشاء لم يكن وأنه المتصرف في الملك وحده لا شريك له لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب.
ولهذا قال سعيد بن جبير: التوكل جماع الايمان ذكره العلماء في تفسيره وليتأمل ما ذكره لله عن صاحب ياسين من قوله: ﴿أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلا يُنْقِذُونِ إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ فهذا دليل فطري عقلي سمعي وأما قول المعترض أن قول الناظم ومن علومك علم اللوح والقلم أن من بيانية.
فالجوب: أنه ليس كما قال بل هي تبعيضية ثم لو كانت بيانية فها ينفعه والمحذور بحاله وهو أنه يعلم
ما في اللوح المحفوظ وقد صرح المعترض بذلك فقال ولا شك إنه أتي علم الأولين والآخرين وعلم ما كان وما يكون
فالجواب: هذه مضاربه لما هو صريح في كتاب الله وسنة رسوله بأن الإحاطة بما في اللوح المحفوظ علما ليس إلا لله وحده كذلك علم الأولين والآخرين ليس إلا لله وحده إلا ما أطلع الله عليه نبيه في كتابه كما قال الله تعالى: ﴿وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ فالرجل في عمي عن قول من عمله الله تعالى بشيء من علمه وقال تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ
1 / 67