Маталик Тамам
مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام
Жанры
أما هذه الخطايا صار الاعتقاد وصار عامة الخلق يتوهمون أنها لم تدرأ الفساد، ونسيت حدود الله عز وجل حتى لا تذكر إلا على وجه التمليح، وإن ذكرت، سارع الناس في أخذ الأموال على الترجيح، وأنه القانون المستقيم والمذهب الصحيح. وتزيد الشيطان بؤسا ودهاء إن ذلك هو الحق الصريح. وقد شمت الشيطان بنا وشفى غيظه وبرد من غليله أعراضنا عن الحق وعن سماع دليله، ونبذ بالعراء لقول ربنا عز وجل: وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبع السبل فتفرق بكم عن سبيله"(¬1).
وأما قوله: فعظمت المفسدة، فقد تقدم أن هذا قول باطل، لا يعقل أن سبب كثرة الفساد قطع الظلم، بل بقاؤه، فإنه وسيلة على أخذ الرشا وعدم الأخذ بالحدود والاستيفاء وصيرورتها إلى أن تباع بالبخس من الأثمان وتشترى.
وأما قوله: فطلب بإزالتها، باطنه توهم بعربية أو همته تعدى الفعل بغيره، إن كان لا يشم كثيرا من ذلك، ولكن هذا يوجبه الواقع، قصد أو لم يقصد.
وأما قوله: فظهر لي ما ذكر وأخذه مما ذكر، لأن ذرأ مفسدة الدماء والحدود والأعراض مع ارتكاب أخذ بعض المال من الجاني ليرتدع عنها أولى، تصريح، وهو خاتمة كلامه ونتيجة نظامه، بغرم الأموال في مسائل الحدود بأسرها درءا لمفسدتها بزعمه. والمخرج إلى التنبيه على صراح هذا اللفظ في مدلوله أن ممليه يتلون، فتارة يقول: وسمعته منه في آخر موطن نزله أنه يزاد غرم الأموال على الحدود. وكل هذا منكر من القول باطل، فإن المال ثبتت عصمته بالإسلام: والحدود كافية في الردع لو كانت تقام، ونصوص العلماء متواترة على أن الذنوب ولو كثرت لا تحل الأموال، والشوارد التي قدرت في الشريعة متأولة عند قول العلماء على أوجه لا تنافي اصل العصمة للمال، ومن لم يتأولها اعترف جمهورهم بأنها منسوخة، فلم يبقى غلا تركه الحجة والإتيان بما ترك العمل به أو لم يصح سنده أو شذ عن قائله مما ليس فيه حجة.
Страница 312