Маталик Тамам
مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام
Жанры
أقول: هذا أيضا الاستدلال على أن الشريعة جاءت برعي المصالح ورفع الضرر الأعلى ولو بضرر دونه. وهذا ما لا نزاع فيه في الجملة. ولكن ارتكاب ضرر لرفع أكبر منه، أو تحصيل مصلحة تربي عليه بعد ثبوت أن هذا الضرر صارف لما هو أعظم منه، وأن لا ينصرف إلا به بحكم الحال، وإلا شرع الله ما هو أصرف للضرر على تقدير أوضاع رتبتها الشريعة، أما الاسترسال في صرف الضرر ربما يخيل أنه صارف له وليس بصارف، بل هو جالب له ومسهل لطريقه، كشرع أخذ المال في المعاصي التي تشتهيها النفوس، ويسهل عليها فيها بدل الدنانير والدراهم والفلوس فلا صرف في الضرر الذي هو أخذ المال ولا دفع عن هذه المعاصي وإن دفعت من لم تتمكن شهوته، وعظمت بالدنانير والدراهم والفلوس علاقته بعض الدفع. وكذلك أيضا، شرط ارتكاب الضرر الأدنى لرفع الضرر الأعلى بعينه طريق إليه بعد تحقق كونه وازعا وصارفا، وأخذ المال في المعاصي غير متعين الصرف. وكذلك أيضا، الشرط أن لا يكون غير ما يخيل صارفا أقوى منه في الصرف والعقوبات البدنية أردع عما. وكذلك هذا أيضا مشروط بأن يكون الشرع إما قد اعتبر ذلك النوع من الضرر في الصرف عما هو أعلى منه، وليست مسألتنا من ذلك. كذلك أيضا، أنه لم يبلغ ذلك النوع من الاستصلاح، وقد بينا أنه ألغاه، فما تصلح بنا إعادته. وكذلك أيضا، يشترط في ذلك النوع من الاستصلاح أن لا يكون الشرع تكفل بغيره واستصلح العباد به، ومسائلنا مما تولى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم الاستصلاح بما شرع فيها من الحدود والزواجر، فلا ندع أمره ولا نزيد عليه ولا نستقصر حكمته ولا نسفه حكمه، ولا نضع النصوص القرآنية والأخبار النبوية لآراء فاسدة وأوهام مضمحلة نشأت عن هوى راسخ في حب المال، وما جبلت عليه النفوس من الظلم.
Страница 288