Маталик Тамам
مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام
Жанры
قلت وجهه أن اللبن لما كان بعد غشه لا يتأتى تخليصه من الغش، وكان من غشه غير مأمون عليه أن يبيعه، لم يتأتى بقاؤه بيده لا لينتفع به، ولا ليتصدق به، فانحصر الأمر بحكم الحال بعد ذلك على وجهيين، أما أن يطرح، وأما أن يتصدق به، فرأى عمر رضي الله عنه ترك الصدقة به وطرحه. اما لان الصدقة بمال الغير على خلاف الأصل، اما لأن ذهاب الغش بإبطال المغشوش الذي لا يتأتى تمييزه، أما لأن الصدقة لا يومن معها أن يغش المتصدق عليه به غيره ببيعه له، وأما لأنه رأى خلطه بالماء على وجه أخرجه عن حرمة الطعام، فصار طرحه كطرح الماء مع إذهاب الغش، واما انه لم يجد في الحال من يتصدق به عليه، اما لأنه خبيثا فلا يصلح للصدقة، واما لأنه رأى ذلك أخف من أن يأمر صاحبه بشربه، إذ لايشتهيه، أو يضر به، أو لغير ذلك مما شاء الله. فهذا هو المقصود الأول من ذلك، إذ لو لم يغش اللبن ما تصرف فيه بذلك.
فإن قلت: فقد قال أدبا لصاحبه.
قلت: نعم، والأدب حاصل في ضمن ما لا يتوصل إلى إزالة الغش إلا به، فمصاحبته للمقصود الأصلي ليس بالذي يصيره مقصودا، وليس بالذي يبيح القياس عليه مع إلغاء أصله. فإذا فهمت ذلك علمت أن ما قيل من أن هذا عقوبة بالمال، كلام خرج على غير أصل، ولا تحصيل مع معارضته القواطع الشرعية والبراهين النقلية. فهل يسوغ، مع إمكان رد هذه الوقائع الجزئية إلى الأصول الشرعية، هدم ما علم من الدين ضرورة بمجرد تحميلها على وجه لايسعها من القواعد أصل ولا من صحيح التوجيه.
فإن قلت: فهل يقول مالك في اللبن بما قاله عمر رضي الله عنه من طرحه؟.
قلت: في العتبية في رسم مالك في طوافه من سماع ابن القاسم من كتاب السلطان: وسئل مالك عن الرجل يشتري الزعفران فيجده مغشوشا افترى له أن يرده؟، قال: نعم، أرى له أن يرده، وليس عن هذا صاحب السوق، إنما سألني عمل أراه من أنه يحرق المغشوش بالنار لما فيه من الغش، فنهيته عن ذلك.
Страница 242