امرءٍ بما عنده ينفق، ورحم الله زهيرًا المهلبيّ، فعن حالي عبر بقوله:
إلى كَمْ جفوني بالدموع قريحةٌ ... وحتامَ قلب بالتفرقِ خافقُ
ففي كلِ يومٍ لي حنين مجددٌ ... وفي كل أرضٍ لي حبيبٌ مفارقُ
ومن خُلقي أني ألوف وأنه ... يطول التفاتي للذين أفارقُ
وأقسِمُ ما فارقت في الأرض موضِعًا ... ويذكرُ إلاّ والدموعُ سوابقُ
ولم أزل أسير ممتعًا من شميم عَرَار نجد، ومحملًا أنفاس الصبا حقائب الوجد، وقد أخذ مني البين أخذته، وفلذ من فؤادي فلذته، واستولت على قلبي كروب جمّة وخطوب مُدْلَهِمّة، منها فراق الوالدة والأولاد والأهل، وسلوكي من ذلك طريقًا ليس بالهين ولا بالسهل، ثم انفرادي صحبة من لا أثق به على نفسي بعد اجتماعي بأهل مودتي وأنسي، وتبدلي من أمن الإقامة بخوف السفر، وبخشونة عيش أهل البدو من رفاهية عيش أهل الحضر، وتغربي في بلاد لم أعرفها، وائتلافي مع
وجوه لم آلفها، فصرت في حالة دونها مفارقة الحياة لولا ما أرتجيه من تدارك لطف الله، فما أشبه تلك الحال بما تخيله الأمير حُسَام الدِّين الحَاجِريّ الإرْبِليّ، حيث قال:
لمَّا نظرَ العذّالُ حالي بُهِتُوا ... في الحالِ وقالوا لوم هذا عَنَتْ
1 / 77