89

لحديث علما يشبه علم آدم وتقوى يشبه تقوى نوح، وحلما يشبه حلم إبراهيم وهيبة تشبه هيبة موسى وعبادة تشبه عبادة عيسى ((عليهم السلام)).

وفي هذا تصريح لعلي ((عليه السلام)) بعلمه وتقواه وحلمه وهيبته وعبادته، وتعلو هذه الصفات إلى أوج العلا حيث شبهها بهؤلاء الأنبياء المرسلين (صلوات الله عليهم أجمعين)، من الصفات المذكورة والمناقب المعدودة.

ومن ذلك ما رواه الإمام الترمذي في صحيحه بسنده وقد تقدم ذكره في الاستشهاد في صفة أمير المؤمنين ((عليه السلام)) بالأنزع البطين، أن رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) قال: «أنا مدينة العلم وعلي بابها».

نقل القاضي الإمام أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي في كتابه الموسوم بالمصابيح، أن رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) قال: «أنا دار الحكمة وعلي بابها».

لكنه ((صلى الله عليه وآله وسلم)) خص العلم بالمدينة والدار بالحكمة، لما كان العلم أوسع أنواعا وأبسط فنونا وأكثر شعبا وأغزر فائدة وأعم نفعا من الحكمة، خصص الأعم بالأكبر والأخص بالأصغر.

وفي قول النبي ((صلى الله عليه وآله وسلم)) ذلك إشارة إلى كون علي ((عليه السلام)) نازلا من العلم والحكمة منزلة الباب من المدينة، والباب من الدار لكون الباب حافظا لما هو داخل المدينة وداخل الدار من تطرق الضياع واعتداء يد الذهاب عليه.

وكان معنى الحديث أن عليا ((عليه السلام)) حافظ للعلم والحكمة فلا يتطرق إليهما ضياع ولا يخشى عليهما ذهاب، فوصف عليا بأنه حافظ للعلم والحكمة ويكفي عليا ((عليه السلام)) علوا في مقام العلم والفضيلة أن جعله رسول الله حافظا للعلم والحكمة.

Страница 98