لولا موت جدتي، لأصبحت زوجة، وعندي أولاد وبيت، ورجل يحلق ذقنه يوما بعد يوم.
السمراوات في مثل عمري متهيئات للزواج، سبعة عشر عاما أجيد الدفاع عن صغار العائلة، أحمل فأسا، وأجر أكياس السماد من روث الحيوانات، أدحرج أسطوانة الخراطيم الكبيرة لأوزعها على الأرض، والمياه تكون أسرع من قنوات المياه، كأني أركب الأمواج العالية، وأنظف المزرعة من الحصى بعد الحرث، كما ينقى الرأس من القمل؛ حيث لا يجدي استخدام الفأس لإزالة الأعشاب، وبأصابعي السوداء أكون أسرع من الآلات الألمانية.
أبدع في تشكيل مجموعة من زهور الحقل العادية، البسيطة الرائحة والعطر، وآخذها إلى المدرسة، وأهديها للأستاذ، حين لا أنجز الواجب المدرسي.
لكن الزهور كلها لم تفلح في رفع معدلي الدراسي عن المتوسط. كنت أشتم وأضرب كثيرا في المدرسة في فصل الخريف. قلة الزهور تعني الكثير من الغضب في المدرسة.
أجيد ترتيب دفاتري وأسطرها، وأسطر كل كراسات من يدرس بالبيت، وأصلح الأحذية. في وقت البرد والمطر، كنت أنا الوحيدة التي تصعد سطح المنزل الهش لوضع النايلون الذي يمنع قطرات المطر من التسرب إلى البيت.
أقود حمار جدي، بمهارة عالية. وأذكر أن إحدى الجمعيات الريفية، نظمت مسابقة أجمل حمار، وأسرع حمار. خسرنا مسابقة أجمل حمار، لأن حمارنا يريد كل زينة الفنادق العالمية ليصبح لطيفا، ولكن كسبت وأولاد عمي مسابقة أسرع حمار؛ إذ كنت أنا أقوده، وقد وضعت على رأسي قبعة، وظهرت كولد، ولم يميزني أحد من لجنة التحكيم.
أنا غير قابلة للكسر، لا أعترف بالأمراض العرضية، الزكام والأنفلونزا والسعال، شيء عادي جدا في عائلتنا، ومشروب البابونج، والأعشاب الغريبة الأسماء هي العلاج فقط.
زارنا الطبيب مرة واحدة، حين كان ابن عمي الصغير يشكو من وجع في الصدر.
فلم تخفف الأعشاب من آلامه. ذهبنا جميعا إلى الطبيب على حمار جدي، كأننا سنذهب إلى مكان جديد. اكتشف الطبيب أنه يعاني من ثقب في القلب، ولم يعش ابن عمي كثيرا، مات وهو صغير جدا.
حين مات الصغير تحول لونه إلى الأبيض، وألبسه جدي قماشا أبيض، كم كان جميلا في موته! أخذه الرجال إلى مكان بعيد جدا، لم نعرفه، فلم نزر قبره أبدا.
Неизвестная страница