قالت سينثيا: «أمي، أريني أين نحن الآن تحديدا.»
أخذت الأطلس وأشرت إلى الطريق عبر الجبال، فأخذته وأرته لميج. قالت: «أترين كيف أن الطريق ملتف؟ ... الطريق ملتف لأنه توجد انعطافات كثيرة فيه. الالتفافات هي الانعطافات.» قلبت بعض الصفحات وانتظرت برهة. ثم قالت: «الآن ... أريني أين نحن.» ثم قالت لي: «أمي، إنها تفهم! لقد أشارت إلى الطريق الذي نسلكه! أصبحت ميج تفهم الخرائط!»
يبدو لي الآن أننا ابتدعنا شخصيات لطفلتينا. أعددناهما إعدادا جيدا ليلعبا دوريهما. كانت سينثيا ذكية ومجتهدة، وحساسة، ومهذبة، وحذرة. في بعض الأحيان كنا نغيظها لتمتعها بضمير يقظ أكثر من اللازم، ولحماسها الزائد في أن تكون ما أردنا أن تكون عليه. كان أي تأنيب أو فشل؛ أي تقريع، يؤثر فيها جدا. كانت شقراء، بيضاء البشرة، تظهر عليها بسرعة آثار الشمس ، أو الرياح الشديدة، أو الكبرياء، أو الإذلال. كانت ميج تتمتع ببنية أكثر قوة، وكانت أكثر تكتما؛ لم تكن متمردة بل عنيدة في بعض الأحيان، وغامضة. كانت لحظات صمتها تبدو لنا كما لو كانت تظهر قوة شخصيتها، وكانت مثالبها تعتبر كعلامات على استقلالية ورباطة جأش. كان شعرها بنيا، قصصناه بحيث تنسدل مقدمته فوق جبينها. كانت عيناها بلون بندقي فاتح، حادة ومتلألئة.
كنا مسرورين تماما بهاتين الشخصيتين، مستمتعين بأمارات التعارض فضلا عن أمارات التوافق معهما. كنا نكره الأسلوب الكئيب، غير المبتكر، في تربية الأبناء. كنت أتخوف من التحول إلى نوع محدد من الأمهات، النوع الذي كان جسده يترهل، الذي ينشغل بأعباء تافهة وفكره مشوش. كنت أعتقد أن كل هذا الانتباه الذي توليه هذه الأمهات حاجتهن إلى أن تكن مثقلات بالأعباء، كان سببا في إصابة أطفالهن بالمغص، والتبول اللاإرادي، والربو. كنت أفضل أسلوبا آخر؛ أسلوب التهور المصطنع، التجاهل المبالغ فيه للأمهات المخضرمات اللائي كن يكتبن قصصهن في المجلات. في تلك القصص، كان الأطفال يبدون غاية في العناد، متشبثين بآرائهم، منحرفين، لا يقهرون. وهكذا كانت الأمهات، من خلال ذكائهن، لا يقهرن. كانت الأمهات اللائي كنت أرغب في أن أكون مثلهن هن اللائي يمكن أن يتصلن بأحد الأشخاص ويقلن: «هل طفلي، ذلك الشيطان الصغير، موجود لديك في المنزل؟» كن يسمون فوق التشويش الذهني هذا.
رأينا غزالة ميتة مربوطة في واجهة شاحنة صغيرة.
قالت سينثيا: «أطلق أحدهم النار عليها ... يطلق الصائدون النار على الغزلان.»
قال أندرو: «لم يحن بعد موسم الصيد ... ربما صدمها أحد على الطريق. أترين اللافتة الخاصة بعبور الغزلان؟»
قالت سينثيا في حدة: «سأبكي لو صدمنا غزالة.»
كنت قد صنعت شطائر من المربى وزبد الفول السوداني للأطفال وشطائر سلمون بالمايونيز لنا. لكنني لم أضع أي خس فيها، وكان أندرو يشعر بالإحباط بسبب ذلك.
قلت: «ليس معي أي شرائح خس.» «ألم يكن بإمكانك أن تشتري بعض الخس؟» «كنت سأشتري خسة كاملة لأحصل منها على ما يكفي فقط للشطائر، ثم قررت أن الأمر لا يستحق.»
Неизвестная страница