Машарик Анвар
مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع)
Жанры
ومنه أن لله عبادا أطاعوه فيما أراد فأطاعهم فيما أرادوا يقولون للشيء كن فيكون (1).
وذلك لأن الكل عباد الله فإذا اختار الله عبدا ألبسه خلعة التفضيل، ونادى له في الممالك بالتصرف والتبجيل، وجعل له الولاية المطلقة فصار عبدا لحضرته وخالصا لولايته، ومولى لعباده وبريته وواليا في مملكته، وهو المتصرف الوالي بإذن الرب المتعالي، ولهذا قالوا:
جنبونا آلهة تعبد، واجعلوا لنا ربا نئوب إليه، وقولوا فينا ما استطعتم (2) وذاك كما قيل:
جنبوهم قول الغلاة وقولوا
ما استطعتم في فضلهم أن تقولوا
فإذا عدت سماء مع الأرض
إلى فضلهم فذاك قليل
وعنهم (عليهم السلام)، أنهم قالوا: كونوا لنا زينا، ولا تكونوا علينا شينا (3)، فانه ليس بين الله وبين أحد من خلقه قرابة. ألا من ائتم بإمام فليعمل بعمله، فما معنا براءة من النار، وليس لنا على الله من حجة فاحذروا المعصية لنا والمغالاة فينا، فإن الغلاة شر خلق الله يصغرون عظمة الله ويدعون الربوبية لعباد الله، والله إن الغلاة شر من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا، وإلينا يرجع الغالي فلا نقبله لأن الغالي اعتاد ترك الصلاة والزكاة والصوم، فلا يقدر على ترك عادته وبنا يلحق المقصر فنقبله لأن المقصر إذا عرف عمل.
وعنهم (عليهم السلام) أنهم قالوا: نزهونا عن الربوبية وارفعوا عنا حظوظ البشرية (4)- يعني الحظوظ التي تجوز عليكم- فلا يقاس بنا أحد من الناس (5)، فإنا نحسن الأسرار الإلهية المودعة في الهياكل البشرية، والكلمة الربانية الناطقة في الأجساد الترابية، وقولوا بعد ذاك ما استطعتم فان البحر لا ينزف، وعظمة الله لا توصف.
فيا أيها الواقف بين جدران التقليد، تنظر إلى الحق من بعيد، أما بلغك أن النبي (صلى الله عليه وآله) حن الجذع اليابس إليه، وقبل البعير قدميه، وانشق لعظمته القمر ونبع الماء الطاهر من بين يديه
Страница 105