بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الشرعية الأولى
الحمد لله رب السماوات والارض ومن فيهن ورب العرش العظيم نحمده ونستعينه
ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا انه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له والصلاة والسلام على اشرف المرسلين وخاتمهم ومن اتبع هديه إليه يوم الدين.
وبعد: فان لمعرفة اسماء الرجال فوائد كثيرة منها معرفة مناقبهم واحوالهم فيتأدب بآدابهم ويقتبس المحاسن من آثارهم ومنها معرفة مراتبهم واعصارهم فينزلون منازلهم ولا يقصر بالعالى في الجلالة عن درجته ولا يرفع غيره عن مرتبته وقد قال الله تعالى: (وفوق كل ذى علم عليم) وكذلك امرنا رسول الله ﷺ ان ننزل الناس منازلهم ومن فوائد معرفة اسماء الرجال كذلك - وفيهم ائمتنا واسلافنا ويقبح بنا ان نجهلهم - ان يكون العمل والترجيح بقول اعلمهم واورعهم إذا تعارضت اقوالهم ومنها بيان مصنفاتهم ما لها وما عليها والتنبيه على مراتبها وفى ذلك ارشاد وتعريف بما يعتمد منها منها وغير ذلك من الفوائد الكثيرة.
ولقد اهتم ديننا الاسلامي الحنيف بالشنهادة وعدالة الرجال فكان في كل عصر من العصور عدول يحملون هذا الدين ويبلغونه ويقيمون عليه ومن هذا المنطلق الف الحافظ المحدث ابن حبان هذا الكتاب في تاريخ الثقات الذين حفظوا شرع الله وحملوه من خير القرون الى عدول هذه الامة من التابعين وابتاع التابعين فيقول (... فانى لما رايت السنن ملجا المسلمين في الاحوال ومقصد الصالحين في الاعمال وانها وان كان فيها الفضائل الخطيرة فقد شابها الاباطيل الكثيرة وصعب تلخيص الدليل من الصريح مع تمييز السقيم من الصحيح الا بمعرفة تاريخ الثقات بكيفية ما كانوا عليه في الحالات اردت ان املى في مشاهير علماء الامصار واعلام فقهاء الاقطار دون الضعفاء
1 / 5
والمتروكين اضداد العدول من المجروحين كتابا لطيفا للمقتبسين واقصد في ترصيفها للمتعلمين قصد تفصيل المدن في الاصقاع لما يؤمل فيها من الانتفاع لانها ستة اصقاع
تشملها عمارة الاسلام وما وراء المدن يسكنها غير اولى الاحلام.
اولها: الحجاز بحواليها.
والثانى: العراق بنواحيها.
والثالث: الشام باطرافها.
والرابع: مصر بجوانبها.
والخامس: اليمن بما والاها.
والسادس: خراسان بما دار عليها.
هذه المدن المشهورة في الاسلام المعروفة بعلماء الايام نذكر في كل ناحية ذكرناها ومدينة وصفناها مشاهير العلماء والثقات من الفقهاء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من اتباع التابعين ومن تبعهم من الاخيار والصالحين) وقد دون الحافظ ابن حبان هذا الكتاب على طريقة الطبقات فبداه بنبينا محمد ﷺ ثم مشاهير الصحابة بالمدينة ثم مشاهير الصحابة بمكة والكوفة ... وهكذا.
فإذا انتهى من ذكر طبقات مشاهير الصحابة في جميع اصقاع الاسلام بدا بذكر مشاهير التابعين بالمدينة ومكة والبصرة والكوفة والشام ... وهكذا ثم يتلو ذلك مشاهير اتباع التابعين بالمدينة ومكة ... الخ.
وكان قد طبع هذا الكتاب في بيروت طبعة ناقصة مشوهة دون اذن منى فرايت تصويب ما وقع في هذه الطبعة من تحريفات واخطاء ونقص وقمت بتزويدها بالزيادات النافعة وذيلتها بالفهارس الفنية المتممة للكتاب والتى خلت منها الطبعة السابقة.
والله اسال ان يتقبل هذا العمل وان يكون خالصا لوجهه الكريم.
القاهرة في ٢٩ ربيع الاول ١٤١٠ هـ.
الموافق ٢٩ من اكتوبر ١٩٨٩ م.
مرزوق على ابراهيم
باحث في مركز تحقيق التراث
1 / 6
مشاهير علماء الامصار بين طبعتين صدرت الطبعة الاولى لكتاب (مشاهير علماء الامصار) سنة ١٣٧٩ هـ تحت - رقم (١٢) ضمن سلسلة النشريات الاسلامية وعني بتصحيحه المستشرق فلا يشهمر وطبع في القاهرة في مطبعة لجنة التاليف والترجمة والنشر.
وصف المخطوطة التي اعتمدها فلا يشهمر في النشر: ان المخطوطة التي اعتمدها للنشر هي الوحيدة وقد عثر عليها في مكتبة الجامعة في مدينة ليبسك.
ووصفها كارل فولرز باختصار في (فهرس المخطوطات الشرقية لمكتبة الجامعة بليبسك) تحت رقم ٦٨٨ وقد كتب على الصفحة الاولى لله حبنا (كذا) وحده كتاب مشاهير علماء الامصار رحمهم الله تعالى من تصنيف الامام ابي حاتم محمد بن حبان بن احمد البستي رضى الله عنه ... الخ.
ملاحظات على النشرة: قال فلا يشهمر:
1 / 7
[١] جرينا في الطبع وفق الرسم الرائج واوردنا اسماء الاعلام المحذوفة الفها كما تكتب اليوم واعتمدنا مختصرات التعابير الدينية.
(ب) ضمنا النص بعض استدراكات الناسخ المدونة على حواشيه وفي تضاعيفه بدون تنبيه كما انه لم نجد داعيا بالاشارة الى الاخطاء التي جرى تصحيحها في صمت.
(ج) رقمنا التراجم بالتتابع بحيث ان نمكن مراجعتها في الفهرس فاسم المحدث يتخذ
شكلا واحدا في النص والفهرس وصدرنا الكتاب بدليل للموضوعات.
(د) ذكرنا في الهامش بعد نقطتين وبين قوسين () الكلمة كما جاءت في الاصل والمصادر المعتمدة عليها وعند الضرورة كذلك اسباب التصحيح واشرنا الى زياداتنا في النص وفي الهامش بمعكوفتين [] ولم ناخذ في الاعتبار ملاحظات المطالعين ومقارناتهم المدونة الا إذا وجدنا اهميتها) أهـ
1 / 8
نقد الدكتور صلاح الدين المنجد للنشرة الأولى للكتاب بتصحيح فلا يشهمر
[مجلة معهد المخطوطات - السنة السادسة / القسم الثاني: ٢٩٦ - ٢٩٨]
كتب الدكتور صلاح الدين المنجد - المحقق المعروف - مقالا ينتقد فيه طبعة فلا يشهمر لكتاب (مشاهير علماء الامصار!!)
ونحن نلخص ما جاء به هنا:
١ - (ذكر فلا يشهمر ان على الصفحة الاولى من الكتاب جاء ما يلى (كتاب مشاهير علماء الامصار من تصنيف الامام ابي حاتم محمد بن حبان بن احمد البستي ﵁.
في حين نجد في مقدمة المؤلف نفسه انه ذكر (مشاهير العلماء والثقات من الفقهاء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من اتباع التابعين ومن تبعهم من الاخيار والصالحين) .
ثم رجح - حفظه الله - ان هذه النشرة قد تكون مختصرة من كتاب ابن حبان خاصة وانها ساقطة منها (اتباع التابعين) ونقول من المقطوع به بان هذا الكتاب لابن حبان ويؤيد ذلك كثرة الا حالات على كتبه (كالمجروحين) و(الثقات) .
كذلك عند مقابلة نصوص هذا الكتاب على كتب المؤلف الاخرى تجد المطابقة خاصة في اختيار ترجيح في الانساب أو الكنى أو الالقاب ... الخ.
٢ - ادخل فلا يشهمر استدراكات للناسخ مدونة على الحواشي والتضاعيف دون تنبيه
وهذا مخالف لقواعد النشر فالواجب ان ينبه الى كل ما يدخل في النص من الحواشي أو الهوامش حتى نعلم نص الكتاب وما اضيف إليه فنحن ما ندري ما هذه الاضافات وهل هي حقا من نص الكتاب أو تصحيحات واستدراكات من الناسخ.
وعلى هذا فالنص الذي قدمه فلا يشهمر قد اختلط فيه الحابل بالنابل!! !.
1 / 9
٣ - ان هذا الكتاب كله اسماء اعلام ولا يتم تحقيق نص كلمة اعلام الا إذا ضبطت الاسماء بالشكل التام.
وهذا ما لم يفعله المحقق لذلك كان من الصعب الرجوع الى هذا الكتاب!! لان القارئ لا يدري كيف يقرأ فيه اسماء اعلام!! ٤ - ضبط المحقق (فلا يشهمر) بعض الالفاظ خطا.
٥ - في النص اخطاء مطبعية كثيرة اخطا المحقق في قراءتها ٦ - قال المحقق (جرينا في الطبع وفق الرسم الرائج) ولم يفعل في كل الكتاب ما اشترطه على نفسه!!
1 / 10
طريقتنا في اخراج هذه الطبعة
* اعتمدنا على طبعة (فلا يشهمر) نظرا لعدم وجود مخطوطة اخرى للكتاب حتى اليوم مع حرصنا على الحصول على اخرى ولم نوفق للان الا اننا قومنا النص قدر الاستطاعة بالرجوع الى الاصول المعتمدة في علم الرجال وخاصة للمصنف (كالثقات) واعتمدنا على الطبعة التي صدرت في حيدر آباد بالهند في تسعة مجلدات.
وكثيرا ما وجدنا اخطاء فاحشة عند المقابلة بين الكتابين.
* وضعنا في الاعتبار كل ما اخذه الدكتور المنجد على المحقق الاول (فلا يشهمر) وتبين لنا صواب ما اتى بها مع وجود اخطاء كثيرة وما اتى به الدكتور المنجد غيض من فيض.
* اثبتنا الصواب الموافق للاصول بين معكوفين [] ثم علقنا بعض التعليقات التي
تمس الحاجة إليها.
* ابدلنا التعابير الدينية (كما سماها فلا يشهمر) بالفاظها كقوله (صلعم) فابدلناها ﷺ وقوله (رض) ابدلناها ﵁.
* وضعنا الايات بين اقواس عزيزية كما هو معروف () .
* قمنا بضبط الاعلام المشتبهة التي قد يخطا في نطقها كثير من الناس بالاعتماد على كتب هذا الفن (كاللباب لابن الاثير) والمغني في ضبط اسماء الرجال - (للهندي) .
والمشتبه للذهبي وغيرها.
* وضعنا بالهامش اسماء المصادر التي ترجمت (للعلم) الذي يورده ابن حبان كي يسهل الرجوع الى التفاصيل خاصة والكتاب قد اتي تختصرا جدا.
* قومنا النص وصححنا الاخطاء المطبعية التي وقعت في طبعة فلا يشهمر.
1 / 11
* رجحنا الاسم الذي اختاره المصنف وذكره وهذا ما نطمئن إليه في غياب غلاف المخطوط الذي لم يضعه فلا يشهمر في نشرته.
وهذا ما ذهب ما ذهب إليه الدكتور صلاح الدين المنجد فاخترنا اسم الكتاب: (مشاهير علماء الامصار واعلام فقهاء الاقطار من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من اتباع التابعين) هذا ونامل ان تظهر مخطوطة اخرى لهذا الكتاب كي نقدمه في طبعة اخرى اكثر خدمة من هذه وعزاؤنا في هذه الطبعة انها تلاشت اخطاء الطبعة الاولى وظهر الكتاب في اسمه الصحيح - والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل.
القاهرة في ٢٣ من رجب ١٤٠٧ ٢٣ من مارس ١٩٨٧
مرزوق علي ابراهيم
1 / 12
الامام العالم الفاضل المتقن المحقق الحافظ العلامة محمد بن حبان بن احمد بن حبان التميمي البستي أبو حاتم المتوفى سنة ٣٥٤ هـ
اسمه ونسبه: هو مخمد بن حبان بن احمد بن حبان - بكسر الحاء المهملة وبالباء الموحدة فيهما - بن معاذ بن معبد - بالباء الوحدة - بن سعيد بن سهيد - بفتح السين المهملة وكسر الهاء - ويقال: ابن معبد ابن هدية - بفتح الهاء وكسر الدال وتشديد الياء آخر الحروف - ابن مرة بن سعد بن يزيد بن مرة بن زيد بن عبد الله بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد بن مناة بن تميم بن مر بن اد بن طانجة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان أبو حاتم التميمي البستي القاضي احد الائمة الرحالين والمصنفين.
ولد ببست وهي مدينة كبيرة هراة وغزنة (من بلاد كابل عاصمة افغان اليوم) ذكر نبذة عن شيوخه وذكر ابتداء طلبه للعلم والرحلة فيه: قال الحاكم النيسابوري: (كان ابن حبان من اوعية العلم في الفقه واللغة والحديث والوعظ ومن عقلاء الرجال قدم نيسابور سنة اربع وثلاثين مئة فسار الى قضاء نسا
1 / 13
ثم انصرف الينا في سنة سبع فاقام عندنا بنيسابور وبنى الخانقاه وقرئ عليه جملة من مصنفاته ثم خرج من نيسابور الى وطنه سجستان عام اربعين وكانت الرحلة إليه لسماع حديثه) فهذا نص هام يحفظ لنا نموذج من رحلة (ابن حبان) في طلب العلم اما اهم شيوخه (٢]: - الحسن بن سفيان (سمع منه في نسا) .
- عمران بن موسى بن مجاشح الجرجاني (سمع منه بجرجان) .
- محمد بن ابراهيم بن المنذر النيسابوري (سمع منه بمكة المكرمة) .
- احمد بن شعيب بن علي النسائي (سمع منه بفسطاط مصر) .
- عبد الله بن محمد بن مسلم الخطيب المقدسي (سمع منه ببيت المقدس) .
- احمد بن عمير بن جوصاء الحافظ الدمشقي (سمع منه بدمشق) .
- محمد بن الحسن ابي بكر بن قتيبة العسقلاني (سمع منه بالرملة) .
- علي بن سعيد العسكري (سمع منه بسامراء) .
- الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان (سمع منه بالرقة) .
- أبو عبد الرحمن: عبد الله بن محمود بن سليمان (سمعه منه بمرو) .
- محمد بن اسحاق بن ابراهيم السراج (سمع منه بنيسابور) .
- احمد بن داود بن محسن بن هلال المصيصي (سمع منه بحلب) .
- محمد بن ابي المعافى بن سليمان الصيداوي (سمع منه بصيدا) .
- حعفر بن محمد الهمداني (سمع منه بصور) .
- محمد بن عبد الله بن الفضل الكلاعي الراهب (سمع منه بحمص) .
فهذا قدر قليل للتعرف على ناحية من شيوخ هذا الامام الحافظ.
(لقد وفق ابن حبان في رحلته الطويلة ايما توفيق فقد اجتمع له من الشيوخ والروايات والاخبار الشئ الكثير والعدد الوفير فقد جاء في مقدمة صحيحه انه كتب عن اكثر من الفي
1 / 14
شيخ وهذا العدد الجم من الشيوخ يندر ان تجده في امام من الائمة الا انه حين شرع في تدوين الصحيح اسقط كثيرا من الشيوخ ولم يعتد بمروياتهم لانه لم تتحقق فيهم شروط الصحة التي ابان عنها في مقدمة كتابه واقتصر على مئة وخمسين شيخا منهم اقل أو اكثر وقد عول على عشرين منهم ادار السنن عليهم واقتنع بروايتهم عن رواية غيرهم فقد جاء في المقدمة: (ولم نرو في كتابنا هذا الا عن مئة وخمسين شيخا اقل أو اكثر ولعل معول كتابنا هذا يكون
على نحو من عشرين شيخا ادرنا السنن عليهم واقتنعنا بروايتهم عن رواية غيرهم) ويعلق الامام الذهبي على النص فيقول (كذا فلتكن الهمة هذا مع ما كان عليه من الفقه والعربية والفضائل الباهرة وكثرة التصانيف) .
ثناء اهل العلم عليه: قال أبو سعد عبد الرحمن بن احمد الادريسي: (أبو حاتم البستي كان من فقهاء الناس وحفاط الاثار المشهورين في الامصار والاقطار عالما بالطلب والنجوم وفنون العلوم الف المسند الصحيح والتاريخ والضعفاء والكتب المشهورة في كل فن وفقه الناس بسمرقند ثم تحول الى بست) وقال عبد الله بن محمد الاستراباذي: (وكان ابن حبان من فقهاء الدين وحفاظ الاثار عالما بالطب والنجوم وفنون العلم) وقال الامام الذهبي: (وكان عارفا بالطب والنجوم والفقه راسا في معرفة الحديث) وقال ياقوت الحموي في معجم البلدان: (كان ابن حبان مكثرا من الحديث والرحلة والشيوخ عالما بالمتون والاسانيد اخرج من
1 / 15
علوم الحديث ما عجز عنه غيره ومن تأمل تصانيفه تأمل منصف علم ان الرجل بحرا في العلوم) وقال ابن حجر العسقلاني الحافظ: (كان من ائمة زمانه وطلب الحديث على راس سنة ثلاث مئة) .
وقال ايضا: (وكان عارفا بالطب والنجوم والكلام والفقه راسا في معرفة الحديث) .
ووصفه بانه
صاحب فنون وذكاء مفرط وحفظ واسع الى الغاية.
وقال الحاكم تلميذه صاحب المستدرك: (أبو حاتم البستي القاضي كان من اوعية العلم في اللغة والفقه والحديث والوعظ ومن عقلاء الرجال صنف فخرج له من التصنيف في الحديث ما لم يسبق إليه) وقال الاسنوي: (كان من اوعية العلم لغة وحديثا وفقها ووعظا ومن عقلاء الرجال) .
وقال الصلاح الصفدي: (كان من فقهاء الدين وحفاظ الاثار عالما بالطب والنجوم وفنون العلم) .
وقال ابن العماد الحنبلي: (العالم الحبر والعلامة البحر كان حافظا اماما حجة احد اوعية العلم في الحديث والفقه واللغة والوعظ وغير ذلك حتى الطب والنجوم والكلام) .
وقال ابن الاثير: (امام عصره له تصانيف لم يسبق إليها)
1 / 16
وقال ابن كثير: (محمد بن حبان صاحب (الانواع والتقاسيم) واحد الحفاظ الكبار المصنفين المجتهدين) وقال الخطيب البغدادي: (وكان ابن حبان ثقة نبيلا فاضلا) .
مصادر ترجمته: - الانساب - للسمعاني (٢ / ٢٠٩) .
- الكامل - لابن الاثير (٨ / ٢٦٦) .
- اللباب - لابن الاثير (١ / ١٥١) .
- معجم البلدان - لياقوت الحموي (١ / ٤١٥) .
- العبر - للذهبي (٢ / ٣٠٠) .
- انباه الرواة - للقفطي (٣ / ١٢٢) .
- ميزان الاعتدال للذهبي (٣ / ٥٠٦) .
- النجوم الزاهرة - لابن تغري بردي (٣ / ٣٤٢) .
- مرآة الجنان - لليافعي (٢ / ٣٥٧) .
- البداية والنهاية - لابن كثير (١١ / ٢٥٩) .
- شذرات الذهب - لابن العماد (٣ / ١٦) .
- المختصر في اخبار البشر - لابي الفداء (٢ / ١٠٥) .
- سير اعلام النبلاء - للذهبي ترجمة ٧٠ / المجلد السادس عشر.
- طبقات الشافعية الكبرى - للسبكي (٣ / ١٣١) .
- لسان الميزان - لابن حجر (٥ / ١١٢) .
- تذكرة الحفاظ - للذهبي.
(٣ / ٩٢٠) .
- الوافي بالوفيات - للصلاح الصفدي (٢ / ٣١٧) .
- طبقات الحفاظ للسيوطي (٣٧٤) .
- الرسالة المستطرفة - للكتاني (ص ٢٠) .
1 / 17
- مقدمة الاحسان في ترتيب صحيح ابن حبان - للامير علاء الدين الفارسي.
- مقدمة التحقيق لكتاب موارد الظمان لزوائد ابن حبان - للهيثمي.
- مقدمة التحقيق لكتاب روضة العقلاء - للشيخ علي بن مشرف العمري.
- مقدمة التحقيق للاحسان - تحقيق احمد محمد شاكر.
- مقدمة التحقيق للاحسان - تحقيق الارناؤوط وحسين اسد.
1 / 18
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الواحد المبرأ من اشراك المشركين الفرد المنزه عن الحاد الملحدين الذي ليس بمكيف فيحاط بالحواس ولا بذي غاية فيوصف بالانفاس لا يدرك فكر القلوب كنه ربوبيته ولا فطن العقول بعلم كيفية وحدانيته وقد دلت الدلالات الواضحات على ربوبيته والايات المحكمات على الوهيته حتى اصطربت له العقول بانه خالق واطمانت إليه الانفس بانه رازق واشهد ان لا اله الا الذي هو [...] الضمائر والصدور الخالق ما في البراري والبحور الذي لا يواري عنه ليل داج ولا سماء ذات ابراج واشهد ان محمدا المبعوث بالحق المبين المتمسك بحبله المتين الملهم اهدى السبيل حتى هدى به من التضليل سيد المرسلين ورسول العالمين فصلى الله عليه ناهيا وآمرا ومبيحا وزاجرا وعلى آله الطيبين الطاهرين اجمعين.
اما بعد: فاني لما رايت السنن ملجا المسلمين في الاحوال ومقصد الصالحين في الاعمال وانها وان كان فيها الفضائل الخطيرة فقد شابها الاباطيل الكثيرة وصعب تلخيص الدليل من الصريح مع تمييز السقيم من الصحيح الا بمعرفة تاريخ الثقات بكيفيتة ما كانوا عليه في الحالات.
اردت ان املي في مشاهير علماء الامصار واعلام فقهاء الاقطار دون الضعفاء والمتروكين واضداد العدول من المجروحين كتابا لطيفا للمقتبسين واقصد في ترصيفها للمتعلمين قصد تفصيل المدن في الاصقاع لما يؤمل فيها من الانتفاع لانها ستة اصقاع تشملها عمارة الاسلام وما وراءها من المدن يسكنها غير اولي الاحلام: اولها: الحجاز بحواليها.
والثاني: العراق بنواحيها.
1 / 19
والثالث: الشام باطرافها.
والرابع: مصر بجوانبها.
والخامس: اليمن بما والاها.
والسادس: خراسان بما دار عليها.
هذه المدن المشهورة في الاسلام المعروفة بعلماء الايام نذكر في كل ناحية ذكرناها ومدينة وصفناها مشاهير العلماء والثقات من الفقهاء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من اتباع التابعين ومن تبعهم من الاخيار والصالحين.
1 / 20
الصقع الأول ذكر مشاهير الصحابة بالمدينة
قال الامام أبو حاتم ﵀ نبدأ من هذا الصقع بالمدينة لانها مهبط الوحي ومعدن الرسالة وبها نصر المصطفى ﷺ كثيرا ومنها انتشر الاسلام وظهر اعلام الدين وبها قبر رسول الله ﷺ وضجيعيه أبى بكر وعمر رضهما واتاها قطن جلة الصحابة أجمعين الذين هم منار الاسلام وبهم صان الله دينه عن الانثلام
وأول ما نبدأ من هذا الكتاب بذكر النبي ﷺ
[١] محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر وهو قريش بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان إلى هنا انتهت أنساب العرب لانه ليس يصح من عدنان إلى إرم فيه إسناد يرجع وكان مولد المصطفى ﷺ بمكة عام الفيل وذلك يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الاول في اليوم الذي بعث الله طيرا أبابيل على أصحاب الفيل ونزل عليه الوحي وهو بحراء بعد ان تم له ثلاث وأربعون سنة وأقام بمكة عشر سنين يدعوهم إلى الله جل وعلا ثم
امره الله تعالى بالخروج منها إلى المدينة فهاجر ﷺ هو وأصحابه إليها فأقام بها عشر سنين ثم قبضه الله جل وعلا آخر يوم الاثنين لثنتى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الاول وكان مقامه بالمدينة عشر حجج سواء ودفن في بيت عائشة رضها ليلة الاربعاء حين زاغت الشمس ونزل في قبره ﷺ على بن أبى طالب والفضل بن العباس وقثم بن العباس وشقران مولى رسول الله ﷺ ورضى عنهم أجمعين
1 / 21
ذكر مشاهير الصحابة بالمدينة
قال الامام أبو حاتم ﵀:
أول من نبدأ من الصحابة الذين كانوا بالمدينة بالخلفاء الراشدين المهديين على حسب ما استخلفوا واحدا بعد الآخر ثم يعقبهم الذين شهد لهم المصطفى ﷺ بالجنة ثم نذكر بعدهم سائر الصحابة الذين استوطنوا المدينة وقطنوها سواء حلت المنية بهم فيها أو في غيرها إذ الاعتبار استطانهم إياها وان دفعتهم الغزوات والقيام بامور المسلمين إلى الخروج منها إلى غيرها فأولها
[٢] أبو بكر بن أبى قحافة الصديق رضه واسمه عبد الله ولقبه عتيق واسم أبى قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر وهو قريش بن مالك بن النضر وأم أبى بكر رضه أم الخير بنت صخر بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم استخلف رضه في اليوم الذي مات فيه رسول الله ﷺ ثم خطبهم اليوم الثاني من بيعته فلما فرغوا من دفن المصطفى ﷺ بايعه الناس بيعة العام وسموه خليفة رسول الله ﷺ واستقام له الامر في السر والاعلان الا ان على بن أبى طالب وجماعة معه من بنى هاشم تخلفوا عن بيعته إلى ان ماتت فاطمة رضها على رأس ستة أشهر من توفى رسول الله ﷺ ثم بايعه على وأولئك النفر على حسب ما ذكرنا في الكتاب الخلفاء
1 / 22
فمضى أبو بكر رضه على منهاج نبيه ﷺ باذلا نفسه وماله في إظهار دين الله والذب عن حرماته والقيام بنا يوجبه الدين إلى ان حلت المنية به ليلة الاثنين لسبع عشرة ليلة مضت من جمادى الآخرة وكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر واثنين وعشرين يوما وله يوم مات اثنتان وستون سنة ودفن بجنب رسول الله ﷺ ليلا ونزل قبره عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله وعبد الرحمن بن أبى بكر رضهم أجمعين وورثه أبو قحافة السدس
[٣] عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدى بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك أبو حفص العدوى وأم عمر حنتمة بنت هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم أخت أبى جهل وكان قد استخلفه أبو بكر الصديق في حياته بعهد كتب له في علته التي توفى فيها فقام عمر بن الخطاب رضه الله عنه يذب عن دين الله ويبالغ المجهود في إظهار سنن المصطفى ﷺ وأبى بكر الصديق رضه عنه إلى أن فتح الله عليه الامصار وجبى إليه الاموال من غير ان لوث نفسه بشئ من حطام هذه الفانية الزائلة إلى ان حلت به المنية قتله أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة بخنجر وجاءه يوم الاربعاء لاربع ليال بقين من ذي الحجة عند قيامة إلى صلاة الفجر طعنه ثلاث طعنات في ثنته وتوفى عمر رضه وله خمس وخمسون سنة وكانت خلافته عشر سنين وستة أشهر وأربع ليال ودفن بجنب أبى بكر الصديق ودخل قبره عثمان بن عفان وعبد الله بن عمر
[٤] عثمان بن عفان بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب وكان له ثلاث كنى أبو عمرو وأبو عبد الله وأبو ليلى وأم عثمان أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس وأمها البيضاء أم حكيم بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف استخلف عن شورى من ستة أنفس على وعبد الرحمن وسعد بن أبى وقاص وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وسادس القوم عثمان رضه الله عنه
وعنهم أجمعين على حسب ما تقدم ذكرنا ذلك في كتاب الخلفاء فمضى عثمان بن عفان لازما للدين الصحيح وان لوثه الناس ببعض اللوث في حياته
1 / 23
الذي قد عداه الله عن حقيقته إلى أن حوصر يوم الجمعة لليلة مضت من ذي القعدة وبقى في الحصار تسعة وأربعين يوما يذود عنه على بن أبى طالب في بنى هاشم وطلحة والزبير فيمن اطاعهما من قريش إلى أن تسلق عليه سودان بن حمران المرادي بالليل ومعه مشقص فوجأه وهو يقرأ سورة البقرة فوقعت أول قطرة من دمعه على قوله فسيكفيكهم الله وكانت خلافته اثنتي عشرة سنة إلا اثنى عشر يوما ودفن بين المغرب والعشاء وصلى عليه جبير بن مطعم وذلك ليلة السبت لثنتى عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة ودلته في قبره نائلة وأم البنين
[٥] على بن أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف أبو الحسن الهاشمي وأم على فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف وهاشم أخو هشام فاستخلف على رضه الله عنه بعد دفن عثمان وبايعه الناس في السر والاعلان فجرد على أسباب الدين تجريدا واغضى عن التمويه والتبديل ولزم الطريقة الواضحة ورام رد الناس عن تمكنهم من الدنيا وتمتعهم بنزهتها وطيباتها على ما كان عليه المصطفى ﷺ فالتاثت عليه الامور حتى كان من أمره ما كان من الحوادث على حسب ما ذكرنا تفصيل الايام في خلافته في كتاب الخلفاء وهو مصر في ذلك كله على إظهار الدين والعزوف عن هذه الفانية القذرة على ما كان فيه ما كان من غير أن تأخذه في الله لومة لائم إلى أن قتله عبد الرحمن بن ملجم المرادي في مسجد الكوفة بسيف مسموم عند قيامه إلى الصلاة وذلك ليلة الجمعة لسبع عشرة ليلة مضت من شهر رمضان ومات رضه غداة يوم الجمعة وله يوم مات اثنتان وستون سنة وكانت خلافته خمس سنين وثلاثة أشهر إلا أربعة عشر يوما واختلفوا في قبره وليس عندي فيه شئ صحيح فاذكره
[٦] الحسن بن على بن أبى طالب بن فاطمة الزهراء كنيته أبو محمد سم حتى نزل
كبده وأوصى إلى أخيه الحسين ومات بالمدينة في شهر ربيع الاول سنة إحدى وخمسين بعد
1 / 24