فسكن من غضبه قليلًا، ثم قال لها: فقد راعك صوته على ذلك؟ فقالت: يا أمير المؤمنين صادف مني استيقاظًا، فقال: ويحك يا عوان! كأنه، والله، يراك وينعتك في غنائه في هذه الليلة، والله لأقطعنه أطباقًا كائنًا ما كان. ثم بعث في طلبه فبعثت عوان خادمًا إليه سرًا، وقالت له: إن أدركته فحذرته، فأنت حر، ولك ديته. فخرج سليمان حتى وقف على باب الدير، فسبقت رسل سليمان، فأتوا به إلى سليمان مربوطًا حتى وقفوه بين يديه، فقال له: من أنت؟ قال: أنا سنان الكلبي فارسك يا أمير المؤمنين. فأنشأ سليمان يقول:
تَثكَلُ في الثّكلى سنَانًا أُمُّه ... كَانَ لها رَيحَانَةً تَشُمّه.
وَخَالُهُ يَثْكَلُهُ وَعَمُّه ... ذُو سَفَهٍ هَنَاتُه تَعُمّه.
فقال سنان: يا أمير المؤمنين:
استَبْقِني إلى الصّبَاحِ أعتَذِرْ ... إنّ لسَاني بالشّرَابِ مُنكَسِرْ.
فارِسُكَ الكَلبيُّ في يوْمٍ نَكِرٌ، ... فإنْ يكُنْ أذنَبَ ذَنبًا أوْ عَثَرْ.
فَالسّيّدُ العَافي أحَقُّ مَنْ غَفَرْ.
فقال سليمان: أعلي تجترئ يا سنان! أما إني لا أقتلك، ولكني سأنكل بك نكالًا يؤنبك من تفحلك. فأمر به فخصي، فسمي ذلك الدير دير الخصيان.
1 / 80