فالمنازع إن احتج بإطلاق اللفظ؛ فلا حجة له في إطلاق لفظ لم نوافقه على معناه، بل ولا يثبت بنصوص الأنبياء.
وإن احتج بالمعنى؛ فنحن ننازعه فيما ادعاه من الحدوث المسبوق بالعدم، وأن له أولا.
فإن / (¬1) هذا النوع الذي سماه حادثا عندنا ليس له أول، وليس المقصود هنا الكلام في هذه المسألة، وإنما المقصود: بيان فساد قول الفلاسفة على جميع مقالات المسلمين، وسائر أهل الملل وغيرهم من القائلين بأن الأفلاك مسبوقة بعدم. وأن حجتهم على الناس جدلية فاسدة.
فهؤلاء المتكلمون الذين استدلوا على حدوث الأجسام بهذه الطريق التي بنوها على امتناع (حوادث لا أول لها).
وقال قوم بل يجوز قيامها به، وإن كان في الأزل خاليا عنها. فإن قيامها به لا يستلزم لزومها له.
وقال قوم: بل يجوز عليه في الأزل، وذلك من صفات الكمال، فإنه حي؛ ومن لوازم الحي الحركة، وهو صفة كمال له، والقدرة على ذلك صفة كمال، وكذلك يقولون: لم يزل متكلما إذا شاء، ومتحركا إذا شاء.
فلما تنازع أهل الملل على هذه الأقوال الثلاثة، وكان كلام المتفلسفة مع الطائفة الأولى، فقالوا لهم: لو حدث عنه شيء بعد أن لم يكن؛ للزم أن يكون قد حدث له سبب لامتناع الحدوث عن قديم لم يحدث فيه شيء.
ثم القول في ذلك السبب كالقول في الحادث المسبب عنه؛ لا بد له من سبب؛ فيلزم التسلسل وهو محال.
ثم هذه الحوادث: إن كانت في غيره: كانت من العالم.
Страница 133