وقد قال الله تعالى: {وجادلهم بالتي هي أحسن} (¬1)، وقال: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن} (¬2).
وإذا كان كذلك؛ فجميع الطوائف يقولون الحق والباطل إلا المعصومون: وهم المؤمنون المجمعون. كما أن كل شخص يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وليس لنا أن نرد على الفلاسفة ولا غيرهم بالجدل / (¬3) المحض الذي لا يحق حقا ولا يبطل باطلا؛ فإن هذا من الكلام الذي ذمه السلف، وهو من الجدل بالباطل. والله قد ذم الجدل بالباطل، وذم الجدل في الحق بعد ما تبين، كما ذم الجدل بغير علم.
ومن الممتنع أن يقول الفيلسوف أو غيره حقا يخالف الكتاب أو السنة أو الإجماع، بل كل قول يخالف ذلك فهو باطل، وما علم بالعقل لا يخالف ما علم بالسمع، والأدلة الصحيحة تتفق ولا تفترق.
فلا يصلح ولا يحل أن نقول باطلا أو نلتزمه لدفع مبطل؛ فإن ذلك رد باطل بباطل، ورد بدعة ببدعة، وهذا كما أنه حرام في الدين منكر في العقل ، فمضرته أكثر من منفعته؛ فإن ذلك مما يوجب نفور المناظر، وظنه: أنا لا نعلم الحق، أو نعلمه ولا نتبعه؛ فيوجب ذلك إصراره على ما هو عليه من الباطل. فلا نكون قد نصرنا حقا، ولا دفعنا باطلا، بل أثرنا فتنة بلا فائدة، وإيقاع شبهات بلا بينات.
والمقصود من الجهاد: أن تكون كلمة الله هي العليا، وأن يكون الدين كله لله.
فإن لم يكن قولنا صدقا وعملنا خالصا لله وإلا لم يقبله الله منا.
Страница 157