وكل من كان إلى الرسل أقرب: كان كلامه أسد وأعظم اتفاقا وانتظاما، وكل من كان عنهم أبعد: كان أكثر اختلافا وتناقضا.
ولكن نحن هنا مقصودنا: أن نبين فساد حجة الفلاسفة مطلقا، ليس مقصودنا أن ننتصر لطائفة معينة من المتكلمين، بل كل قول صح إبطال قولهم؛ وجب استعماله إذا لم يعلم فساد ذلك القول لا بسمع ولا عقل.
ولهذا: رددنا الكلام على قول كل طائفة، وبينا فساد حجتهم على ذلك التقدير، وإن لزم من ذلك بعض أقوال أهل الكلام فهذا ليس محذورا.
فإن الطائفة المعينة من المتكلمين ليست معصومة، بل الخطأ جائز عليها، وإنما العصمة للكتاب والسنة والإجماع.
فإذا لم يعلم فساد القول بكتاب ولا سنة ولا إجماع؛ وكان مبطلا للأقوال المخالفة للرسل: كان قد أبطل القول الذي لا ريب في إبطاله بالقول الذي لا يعلم إبطاله، هذا حسن مستقيم. فليتدبر العاقل هذا.
فكيف إذا كان الذي أبطل به قول المتفلسفة قد علمت سببه، أو دلت عليه النصوص الإلهية ونحو ذلك.
وإذا كان بطلان قول الفلاسفة مستلزما لثبوت الصفات؛ كان ذلك نافعا في موضعين:
أحدهما: في إبطال قول الفلاسفة.
والثاني: في إبطال قول الجهمية نفاة الصفات.
ويكون ذلك دليلا لأهل السنة والجماعة على نفاة الصفات وعلى الفلاسفة.
فالحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا.
وقد بسطنا الكلام على فساد قولهم في مسائل الصفات في مواضع.
Страница 150