وكانت كنعان «أي فلسطين» وجنوب الساحل الفينيقي وعامر
Amor ؛ أي كنعان وما إليها، تسيطر عليها مصر سيطرة دائمة. وكان موظفو مصر يجوبون بلادها لتحصيل الجزية، ولسماع شكوى الشاكين، وللتثبت من ولاء الحكام. ففي لوحات العمارنة وما وجد عند تناخ وما كشفت عنه الآثار، ما يوضح ما كان عليه القوم من الثقافة والحضارة من غير تعيين حدود ذلك، وكان الحيثيون يقلقون مصر ويتعدون حدود فلسطين التابعة لها. وفي نهاية الربع الأول من القرن الثالث عشر قبل الميلاد استعادت مصر ولايتها .
وكان هناك بين الحين والحين أناس منعزلون أصاخوا إلى تعاليم الأنبياء، وعلى رأس أولئك الملك جوزياس.
1
الفصل الخامس
أصل الديانة اليهودية
كانت الديانة الكنعانية ذات طابع سامي متعددة الآلهة، فكان لكل مدينة، بل لكل حقل، بل لكل كرمة عنب، ولكل بئر وينبوع سيدها «بآل. أدون»، أو سيدتها «بآله»، وهو مالكها وحاميها المقدس. وكانت مراسم الحياة الجنسية تحت رعاية الآلهة استارته «أو أشيره»، ويقابلها عند البابليين «إستار»، وكان يخدمها أتقياء وتقيات منحوا أجسامهم تكريما لقداستها.
وإلى هؤلاء الآلهة الرئيسيين - ثم آلهة أقل مرتبة، وهي أرواح - كانت الصور المزخرفة تقدم احتراما للعابدين وللمعبودين. وإلى جانب المذبح تقام عماد من الخشب «آشيرة»، أو عامود من الحجر «مازبة». أما المذبح فهو مائدة الإله توضع عليه الهدايا شكرا لوفرة المحصول أو غزارة الماشية، وكانت هناك كئوس تستقبل دم الضحايا من الحيوان أو يصب فيها النبيذ، ويدخل العابدون مع الإله مشتركين في الوليمة المقدسة. وكان الحيوان يوضع أحيانا على المذبح لكي يفنى على النار ويصعد البخار كرائحة طيبة نحو الإله، والمفروض أن مقامه في السماء، وكان يحتفل بالمواسم الزراعية الدورية وجمع الفاكهة في مرح صاخب، ويصحب هذا رقص على نغمات الموسيقى الصاخبة، وإسراف في شرب الخمر واللذات والطعام، مغمدين السيوف والحراب في أجسامهم إلى أن يسيل الدم منها. وكانت الألقاب الفخرية المقدسة تمنح إلى أرواح الموتى، وكذلك كان الطعام يقدم إلى المدفن، وكان في الوسع الحصول على الأخبار عن طريق السير ليلا في المقابر أو مناجاة أرواح الموتى، كما كانت الأولاد تحرق، سواء لأغراض مقدسة أو تضحية من أجل باعث غير عادي.
وكان اليهود في بداية إقامتهم في كنعان يروعهم هذه التضحيات. غير أنهم مع الأيام، انتهوا إلى محاكاتها وإدخالها بتفصيلاتها كلها إلى طقوسهم، على أنهم ارتدوا إلى صفاتهم الأولى حيال ما شهدوا من صنوف الفساد وعواقبه البغيضة الناشئة عن حضارة آسنة.
غير أنه قد بقي أثر مظاهر تلك الطقوس الكنعانية كالمازبة «الدعامة»، الذي يوجد إلى جانب المذبح، الذي حل محله الآن «الطيبة»، وهي ما يشبه المصطبة التي يقف عليها الكاهن. وكذلك النبيذ الذي يوضع الآن في كأس ويشرب في المعبد هو أثر لدم القرابين، والكبش الذي كان يضحى به ويحرق على المذبح كان موضع تكريم الإسرائيليين إلى أن ألغي على أثر تدمير معبد القدس.
Неизвестная страница