وقد وصفه مونسيرات «ص197 و199 من تعليقاته» قائلا: من النظرة الأولى يدرك من يلقاه أنه أمام ملك، كان عريض المنكبين، مقوس الساقين بما يتفق وركوب الجياد، ذا بشرة سمراء، رأسه ينحدر إلى منكبه الأيمن، أما جبهته فعريضة طلقة، عيناه لامعتان بريقمها يبدو كتألق البحر في ضوء الشمس، أما أهداب عينيه فهي طويلة، وأما حاجبها فليس واضح البروز، أنفه صغير ومستقيم ولكنه يسترعي النظر، أما منخراه فواسعان يبدوان كالساحر، وبين المنخر الأسفل والشفة العليا شامة، حليق الذقن ذو شارب، يعرج بساقه اليسرى وإن كان لم يصب بداء، ليس بالبدين ولا بالنحيف، قوي شديد عنيد، إذا ضحك بدا وجهه كالمشوه، هادئ التعبير، صريح رصين في كرامة وترفع، فإذا غضب ألفيته مهيبا مخوفا.
وكان عظيما أمام العظماء، متواضعا أمام الضعفاء، وكان يتناول خمرا تسمى پوست وهي خليط من الأفيون المخفف والتوابل، ولم يكن يدخن، وبينما منح السيخ في 1577 أرضا عند أمريتسار لإقامة معبدهم عليها فإنه بعد بسنين حرم إنشاء المساجد بل ترميمها، وهو من أقدر الزعماء وأقوى ملوك الأرض.
نظام الحكم المغولي
كان أكبر محور الحكومة المركزية وكان مرجع الأمور العسكرية والإدارية والأحكام القضائية، كان إمبراطورا مطلقا. وفي عهد المغول كانت شخصية الإمبراطور هي كل شيء، فإن كان قائدا ماهرا وإداريا قديرا ومصلحا نافعا وعادلا منصفا؛ صلحت الرعية. أما إن كان على غير هذه الصفات؛ فسدت شئون الرعية وأداة الحكم وفشا الظلم والرشوة وقامت الفتن وعمت الفوضى كما كان الأمر في آخر عهد المغول. (راجع ص197 من التقرير الخامس للجنة المختارة في مجلس العموم كما أوردها سير جون شور «لورد تيجينموث» في 1790 ونشرت في تاريخ الإيراد القديم في بنغال. لاسكولي). •••
كانت إمبراطورية أكبر مقسمة 12 قسما أو «صوباح» 15 في بعض الأحيان، يحكمها حكام عسكريون باسم «صوبحادار» وكان كل إقليم مقسما إلى ساركار أو قسم، والقسم يقسم بارجانات «مراكز»، والمركز هو الوحدة الإدارية الأولية الصغيرة، والذي ينهض بأعباء المركز هو القومندان العسكري، ومحصل الضرائب. وكانت سلطة الأول تشابه حاكم الإقليم على أن ينهض إلى جانب تبعاته المدنية، برياسة المحكمة الجنائية، وكان للأقاليم الكبيرة إدارات يراقب بعضها البعض الآخر، فكانت سلطة الحاكم تتحدد أحيانا تحديدا يمنع سيطرتها مباشرة على قضاة المحاكم المدنية، وكان لرئيس الخزانة «الديوان» استقلال في مهمته، من شأنه أن يكون مسئولا أمام الخزانة الإمبراطورية «وزارة المالية» عن كل ما يتصل بالضرائب والإيرادت والرسوم الجمركية والمصروفات.
أما المواقع العسكرية المحصنة والثغور الإمبراطورية فقد كان ينهض بشئونها موظفون تتولى السلطة المركزية تعيينهم دون أن يكونوا خاضعين لأوامر حاكم الإقليم. وكان للإمبراطورية المغولية جيش خاضع لسلطة الإمبراطور وكافل الدفاع عن الحدود وقمع الثورات، غير أنه على أثر وفاة «أورا نجزيب» آخر أباطرة المغول العظام، طرد حكام الأقاليم الحاميات العسكرية وأصبحوا يستمتعون بسلطة غير محدودة لا يخشون شيئا سوى مجيء جيش من دالهي لرد الأمور إلى نصابها، الأمر الذي ما كان يحدث. (راجع ص15 و16 من كتاب الإدارة الهندية في فجر الحكومة المسئولة، تأليف الپروفسير ب. ك ثاكور، طبعة بومباي).
وفي عهد أكبر كانت جميع المناصب مفتوحة للهندوس، غير أنه في الواقع كان للهندوس 51 منصبا كبيرا من 415 أكثرهم من الراجبوت، وفي خلال أربعين عاما شغل براهميان منصبين كبيرين. كذلك كان عدد المناصب العسكرية والمدنية التي شغلها الهندوستانيون الذين دانوا للإسلام قليلا. أما كثرة الوظائف فكان يشغلها الإيرانيون والأفغانيون، وكان التعيين والترقية والعزل لا يجري وفاقا لقواعد مرسومة، بل كان أمرها تابعا لمشيئة الإمبراطور ذاته.
وكانت قوة الإمبراطورية برية، فلم يكن لها أسطول، وكانت الرشوة متفشية وكانت المرتبات لا تدفع بانتظام، وكان الإمبراطور يرث أملاك كبار الموظفين، ولم يكن هناك فصل بين السلطات ولا تخصيص للإدارات، بأن تكون هناك إدارة للزراعة وأخرى للتجارة وثالثة للتعليم.
ولعلنا في غنى عن القول بأن كثرة الشعب كانت فقيرة ومجهدة ومعرضة للمجاعات الناشئة من قلة الأمطار في بعض المواسم والأعوام، ولهذا كان يأكل الناس بعضهم بعضا، وكذلك كان يموت مئات الألوف جوعا ويباع الطفل بروبية واحدة. وكانت القلة تجني ثمار الطبقات الفقيرة العاملة، وأما المرافق العامة التي تؤديها الدولة كالطرق المعبدة والكباري والمستشفيات والخدمة الطبية والتعليم العام أو الكثير الصالح والبر بالفقراء، فتكاد تكون معدومة أو قليلة جدا. أما ثمرة الإحسان فكانت مقصورة على فئات معينة وبطريقة غير مطردة وتبعا للأهواء. أما الطبقة المتوسطة فكانت ضئيلة العدد والنفوذ، أما الطبقة العالية وهي تشمل طبقة الموظفين فكانت مستأثرة بالثروة والسيادة، مستمتعة بالملذات والدور والقصور، غير مترددة في اغتصاب عقارات صغار الملاك. وكانت الزراعة ولا تزال إلى اليوم المهنة الرئيسية التي تشغل 70 في المائة من السكان يعيشون في نصف مليون قرية متناثرة لا تزال على حالها منذ عهد المغول إلى اليوم عدا ما طرأ من تغيير ضئيل شامل حماية الملكية اليوم، أما مدن الهند فقليلة ويسكنها 11 في المائة من سكان الهند البالغ عددهم 388 مليونا، و800 ألف طبقا لإحصاء 1941.
هذا ويقول البروفسور ثاكور في كتابه عن «الإدارة الهندية إلى فجر الحكومة المسئولة»: إن أبناء القروي يكادون يعيشون كماشيته في حظيرتها وهو ينظر إليهم كما ينظر إليها، لا فرق بين الزرائب والعشش الطينية، وتختلف المزرعة الصغيرة بين الفدانين والنصف وبين الخمسة أفدنة حول القرية تقوم الأسرة على زراعتها وقلما تستأجر الآخرين لمساعدتها مستخدمة ثورين في فلاحتها على الطريقة العتيقة التي لم تعدل إلا في المزارع الكبيرة وعلى أيدي المتعلمين. وكان الملك يعين رئيس القرية «العمدة» ثم أصبح يتوارث الرياسة أبناؤه، يساعده أتباعه كالحاسب «الصراف» ويقوم بجميع الشئون المالية، والخفير «الشوكيدار» ويقوم بجميع أعمال البوليس، أما مناصبهما فوراثية في الأغلب.
Неизвестная страница