المنبوذون
هذا ويمثل المنبوذون «الأنجاس» في الهند أحقر طوائفها، أما عددهم فيبلغ في الهند البريطانية وحدها نحو عشرين في المائة من السكان. ومما يرجى أن يعين على علاج مشكلتهم، ازدياد عدد المتعلمين الهنود عامة ونمو المبادئ الديموقراطية والإنسانية وتشابك العائلات وكثرة المواصلات؛ مما يجعل السكان يتقابلون في القطرات والأسواق.
ولقد امتاز القرن السادس قبل الميلاد بخصائص لم يشهدها تاريخ ما قبل التاريخ: ذلك أنه كان هناك ثلاثة من عظماء المفكرين المعاصرين خالدي الذكر والأثر، لا يعرف أحدهم عن الآخرين شيئا (أشعيا) الذي كان يعلم ويتنبأ بين اليهود في بابل، و«هراقليتيس» الذي كان في إفيسوس معنيا بتحقيقاته النظرية التي تدور حول طبيعة الأشياء. أما ثالثهم فكان «جوتاما بوذا» الذي كان يعلم تلاميذه وحوارييه في بنارس من مدن الهند.
كذلك شهد القرن السادس قبل الميلاد تبدلا في الأفكار وجديدا في الترميق، فقد شرعت العقول، في البلاد التي ظهر فيها هؤلاء الثلاثة، وفي الصين وغيرها - تبدي من أمارات التحرر من رق المعتقدات السخيفة ومن ضروب الشجاعة في الجهر بالآراء المنددة بهذه المعتقدات والتقاليد فيما يتصل بتأليه الملوك وتقديس الكهنة وتقديم الضحايا البشرية قرابين للآلهة وأشباههم، ما كأنما العالم قد جاوز بعد عشرين ألف سنة سن الطفولة ليستقبل عهد الرجولة.
الفصل التاسع
الحياة الاجتماعية القديمة
مهما يكن من شيء فإن حركة الآريين في الهند كان من أثرها تكوين أمة من خمسة أقوام تقسم إلى عدد من القبائل، كل قبيلة أساسها رب أسرة وأسرة لها استقلالها عن غيرها.
كانت حياة الآريين قبل غزوهم الجنوب الشرقي لامبالا في الهند الشمالية، بدائية وبسيطة، ذلك أنهم غزوا البلاد مقتحمين أبوابها مجتازين غاباتها مؤلفين المستعمرات القروية. ويبدو أن القرية كانت حول موقع محصن، وكانت يومئذ تتألف من مجموعات من المساكن والزرائب المبنية من الخشب والغاب الهندي والخيزران، وبها النار المنزلية المقدسة تشتعل من كل مكان موقد.
وكانت الأسر تستخدم في حرث الأرض ستة أو ثمانية أو اثني عشر ثورا لإنتاج ما يشبه الشعير في الحقول المسمدة والمروية، وكانت الماشية ترعى في الغابة المجاورة للحقل، وكانوا يحلبون الأبقار، ويصنعون الكعك من الدقيق والزبدة ، وكان طعامهم كما هو الآن؛ الخضر والفاكهة، وكانت الزبدة تستعمل كما هي الآن. وكانوا يذبحون الثيران والأغنام والماعز ويأكلون لحومها أو يقدمونها قربانا وتضحيات للآلهة. ويبدو أن لحم الجواد لم يكن يؤكل في غير موسم الضحايا المخصصة له من أجل تأكيد السلطة الملكية، كما كان يؤكل من أجل اكتساب قوة الحيوان وسرعته. وكانت «السورا» هي البيرة الشعبية مشتقة من الحبوب وشديدة الإسكار.
وكان الهنود الفيديون يرتدون ثوبين أو ثلاثة أثواب من الصوف وأحيانا من الجلود، وكانوا يمشطون ويزينون شعورهم، وكان النساء يجدلنه، أما الرجال فيطوونه ويكورونه؛ أي يلفونه لفات كالكرة أحيانا، وكان الآريون الأقدمون يعرفون الذهب ويستخرجونه من أعماق الأنهار ويستخدمونه حليا للرقبة والصدر، ومن أجل هذا سمي نهر الهندوس «النهر الذهبي»، كذلك كان الآريون صيادين للوحوش كما يبدو من «الريجفيدا» أحد كتب «الفيدا» المقدسة، غير أنهم لم يكونوا صيادي سمك.
Неизвестная страница