إن الغرض من العقوبات الاقتصادية هو منع أمة - بلا التجاء إلى القوة الطبيعية؛ من شهر حرب أو نقض معاهدة - بحرمانها المواد اللازمة للحرب أو الوسائل لنقل تلك المواد إلى ميدان القتال.
وليس في الأرض بلد - ما عدا روسيا - فيه جميع المواد الأولية اللازمة في الحروب الحديثة، وكثير من البلاد - والحبشة شاهد ظاهر منها - ليس فيها مصانع لتحويل مواردها الأولية أو المواد الأولية التي تستوردها من الخارج أدوات للنقل والدمار.
وأول لوازم الحرب السلاح، وعليه فإن أول أشكال العقوبات الاقتصادية حظر إصدار السلاح إلى أمة محاربة.
وفي العالم نحو اثنتي عشرة دولة يصنع فيها السلاح الحديث على قدر كبير، فإذا اتفقت هذه الدول على منع تلك المصانع من أن تبيع دولة معينة السلاح لم تستطع هذه الدولة حربا. •••
وقد استخدم هذا النوع من الضغط أخيرا لوقف حرب دامت ثلاث سنوات بين بوليفيا وبارجواي في أمريكا الجنوبية، ولكن هناك أمرين يجب ملاحظتهما في هذا النوع من العقوبة، وهما؛ أولا: إن جامعة الأمم لا تستطيع فرضها؛ لأن ثلاثة من أعظم البلدان إخراجا للسلاح ليست أعضاء في الجامعة وهي ألمانيا واليابان وأميركا. وثانيا: إن العقوبات لا قيمة لها في بلد فيه مصانع للذخيرة والميرة مثل إيطاليا. •••
أما النوع الآخر فأشد فعلا، وإذا أمكن تنفيذه كان ذا أثر في كل دولة يفرض عليها، وهو حظر إصدار المواد الأولية التي تستعمل لصنع السلاح والذخيرة إليها، وقد كان في وسع جمهورية شيلي الأمريكية منذ عشرين سنة أن تمنع كل دولة تقريبا من شهر حرب بحظر إصدار النترات منها، وقد كانت محتكرة لها، وهي لازمة لصنع المواد المفجرة، لكن النترات تستخرج الآن صناعيا من الهواء.
وهناك مواد أخرى - ولا سيما المعادن - لازمة للسلاح ولا وجود لها إلا في بعض البلدان، فتسعة أعشار نيكل العالم تجيء من كندا، وثلثا الأنتيمون من الصين، و90٪ من البوتاس من فرنسا وألمانيا، وثلاثة أرباع الحديد الخام تصهر في البلدان التي على ساحل الأتلنتيكي الشمالي، وهذه المواد كلها لازمة للحرب فلا تستطيع دولة تمنع عنها أن تشهر حربا، وفي وسع أميركا والإمبراطورية البريطانية معا أن تمنعا كل دولة من إشهار الحروب ما عدا روسيا.
وقد دلت الحرب العالمية على أن تنفيذ هذا الحظر متعذر إلا بإعلان حصار عام؛ إذ في وسع الدولة المحاربة أن تشتري ما يلزمها على أيدي سماسرة مختلفين، وقد بقيت ألمانيا تستورد المواد الأولية بواسطة دول محايدة مدة الحرب الماضية كلها بالرغم من حصار الحلفاء لها. •••
وهناك شكل ثالث من أشكال العقوبات، وهو في الواقع «امتداد» من الثاني وقابل للاعتراضات نفسها، ومآله حظر جميع الصادرات إلى الدولة المحاربة وفي جملتها مواد الطعام.
والمشروع كله خيالي إلا إذا اتفقت جميع الأمم على التعاون في تنفيذ الحظر تنفيذا فعليا، وهذا غير مرجح. •••
Неизвестная страница