ومن هذه القنابل ما يحتوي على الفوسجين أو اللوسيت، وهما شديدا الأذى للمجاري الهوائية، وقل من شفي منها شفاء تاما.
وهذا النوع من الغازات السامة هو الذي يمكن درء خطره بواسطة الكمامات، ولكن ليس بواسطة هذه الكمامات الغالية والتي يبلغ ثمن الواحدة 150 قرشا، بل بواسطة كمامات بسيطة وخفيفة لا يتجاوز ثمن الواحدة بضعة قروش، وكانت توزع علينا في المستشفيات.
أما القنابل المحتوية على غاز الكلورين - وكانت تسمى قنابل الخردل - فالوقاية منها محال؛ وذلك لأن الغاز المنبعث منها يمكث فوق الأمكنة القليلة التهوية أو الحفر وما شابهها مددا طويلة قد تكون يوما أو بعض يوم، أما في الخلاء الخالي من الحفر فيمكث الغاز بضع ساعات تقل أو تكثر بمقدار كثرة الرياح أو قلتها.
والتعرض المباشر لهذا الغاز يسبب اكتواء للجلد لو مس هذا بحامض الكبريتيك «ماء النار».
ويعشعش هذا الغاز في الملابس منفوشة الخيوط كالأصواف الرخيصة أو القطنية المشابهة للكستور مددا طويلة، وتصبح هذه الملابس نفسها معدية للسليم؛ فكثيرا ما كان المصابون من هذا الغاز يخلعون ملابسهم في مكان ما مثلا، فلا يسلم المقترب منها من التهاب جلدي بعد ساعتين قد يستلزم أياما للعلاج.
فأين تلك الكمامات التي تقي الجسم من هذا النوع؟
ولقد استقر رأي كثير من الأخصائيين على أن خير الوسائل للوقاية من سموم هذه الغازات الجوية في مكان محكم الغلق مدة كافية تسمح بتهوية الجهة التي حصلت الغارة عليها؛ فالرياح هي العامل الوحيد في طردها.
أما الكمامات فلم تستعمل في المستشفى الذي كنت أشتغل فيه - وكان به 1950 سريرا للمرضى - مرة واحدة، بل ولم تقض الحاجة باستعمالها في لوندرة على ما أعلم.
الإمبراطورة زوديتو التي توفيت سنة 1930، وقيل ماتت مسمومة وخلفها الإمبراطور هيلا سيلاسي.
ويحسن هنا أن ألفت نظر الرأي العام بأن هذه الغازات بدئ باستعمالها في الميدان الغربي سنة 1917، ولم يعلم المدافعون بما هم فيه من خطر إلا بعد ساعتين حيث بدأت أعراض التسمم منها بالظهور، فيا ترى ما هو التحسين الذي طرأ على هذه الغازات ليجعلها أشد هولا وأعظم فتكا بعد تلك السنين الطوال؟
Неизвестная страница