وقد كان هذا الاحتكار - فعلا - عظيم الربح إلى درجة تفوق المعتاد؛ ففي السنتين الأولى والثانية أو في السنوات الثلاثة الأولى من تأليف الشركة لقيت أمامها بعض المصاعب، ولكنها ما فتئت بعد ذلك توزع ربحا منتظما على المساهمين كل سنة.
وكان هذا الربح 28 في المائة سنة 1904 و33 سنة 1913، ثم هبط إلى 13 في المائة سنة 1917 التي كانت أعظم سني الحرب، ثم عاد فارتفع على التوالي بعد الحرب حتى بلغ 37 في المائة سنة 1927.
وبلغ من عظم ربح هذا العمل أن أصحاب البواخر - وهم المصدر الوحيد لذلك الربح - احتجوا على فداحة رسوم الترعة وعززوا حجتهم هذه بقولهم أن أزمة الملاحة لم تؤثر في نجاح الشركة.
ومما يجدر ذكره هنا أن الحكومة البريطانية التي اشترت 44 في المائة من الأسهم مدة رياسة دزرايلي - اللورد بيكنسفيلد فيما بعد - سنة 1876 بمال قدره أربعة ملايين جنيه قدرت سعر السوق لتلك الأسهم سنة 1932 بمبلغ 52 مليون جنيه، وكانت في خلال 56 سنة (1876-1932) قد تناولت 43 مليون جنيه ربحا وفوائد.
الشركة من الوجهة السياسية
3
حدد موقف الشركة السياسي بمعاهدة استانبول سنة 1888، فحرمت بموجبها «أعمال العداء» في مياه الترعة، وقضت بجعل الترعة ممرا لجميع المحاربين، فيلوح من ذلك أن الشركة بوصف كونها شركة، مقيدة بقبول نقل الجنود والنقالات والسفن الحربية في الترعة. وقد تستطيع الاعتراض - طبقا لقوانين الملاحة التي لها - على نقل بعض أصناف الميرة والذخيرة بحجة «أن الشركة تحتفظ بحق منع السفن التي قد تعد خطرا على الملاحة عامة من المرور في الترعة». ولكنها لم تعمل بهذا الحق إلى الآن.
وشاهدنا على ذلك مرور جزء من الأسطول الروسي في حرب روسيا واليابان سنة 1904 في الترعة ذاهبا إلى الشرق الأقصى.
وعملت إيطاليا بهذه السابقة في حملتها الحاضرة إلى أريتريا والصومال، ولم يتغير الموقف تغيرا جوهريا حتى إن الحرب العالمية لم تغيره. •••
ولما كانت الترعة حلقة حيوية في الإمبراطورية البريطانية تولى الجيش البريطاني والبحرية البريطانية حمايتها وأقيمت بعض الحصون على ضفتيها، وقد تعد هذه الحصون من الوجهة الفنية مخالفة للمعاهدة لأنها عدت الترعة بقعة غير محصنة، ولكن هذه الحصون وجدت لازمة فعلا لحماية الترعة من هجوم المعتدين.
Неизвестная страница