الزمان" (١)، فإنّه ترجم لابن عبد البرّ ترجمة تميّزت بالإطالة في وصف كتاب واحد من كتبه، والنقل منه، لمِا فيه من نوادر العلم والحكم، وهذا الكتاب هو: كتاب "بهجة المجالس وأنس المجالس"، قال فيه: "جمع فيه أشياء مستحسنة تصلح للمذاكرة والمحاضرة"، ثمّ أخذ يورد منه مسائل ونكتًا منها: ما روي من بعض رؤى رسول الله ﷺ، وبعض أصحابه ﵃ أجمعين؛ ومنها: حِكَم مأثورة وأمثال سائرة من أشعار العرب ونثرهم، وطرائف من الأدب الجاهلي والإسلامي، وبعض العِظات والمقالات.
ثمّ أشار أخيرًا إلى مكانة ولد ابن عبد البرّ، أبي محمّد عبد الله بن يوسف، وأنه كان من أهل الأدب البارع والبلاغة، وأنّ له رسائل وشعرًا أفاد منه قوله:
لا تكترثن تأملًا واحبس عليك عنان طرفك ... فلربما أرسلته فرماك في ميدان حتفك
وبعد هؤلاء جاء مؤرّخ الإسلام شمس الدين الذهبي (٢)، فترجم لابن عبد البرّ
_________
= انظر: "طبقات الشافعية الكبرى" (٨/ ٣٣)، "شذرات الذهب" (٣/ ٣٧١).
(١) انظر منه: (٧/ ٦٦ - ٧٢).
(٢) هو: أبو عبد الله، شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان بن قايماز التركماني، الحافظ الكبير، مؤرّخ الإسلام، مَهَرَ في فنّ الحديث، وجمع فيه المجاميع المفيدة الكثيرة، وجمع تاريخ الإسلام فأربى فيه على من تقدّمه، وله: "ميزان الاعتدال في نقد الرجال"، رحل إليه الناس رغبة في علمه، توفّي سنة (٧٤٨).
انظر: "طبقات الشافعية الكبرى" (٩/ ١٢٣)، "الدرر الكامنة" (٣/ ٣٣٦)، "طبقات الحفاظ" للسيوطي (ص ٥٢١).
1 / 33