حذف هذه النون، فعلى ما ذكرت لك من استعمالهم لها ساكنة، ثم حذفت للجزم هي وحدها لا للجزم، والحرف جميعا، لأن حذفه لها لا يسوغ. فأما حذف النون في التثنية والجمع، وهي متحركة، فلأنّ الحركة للساكنين، وحركة إلتقاء الساكنين في تقدير السكون. فكأنّ الحذف لحق شيئًا واحدًا.
ونظير قولهم: (لم يك) في أنه حذف لحق بعد حذف قولهم: لم أبال فحذفت الياء للجزم. ثم كثر استعمالهم: (لم أبال)، فكأن الحركة حذفت للجزم، كما حذفت النون للجزم في (لم يكن)، فصار (لم أبال) فاعلم. ثم قيل: (لم أبال) في الوقف ثم حذفت الألف، لإلتقاء الساكنين، فصار (لم أبل) وزعم الخليل أنَّ قومًا يقولون. لم أبله. فهؤلاء هم الذين حذفوا الألف من (لم أبل) لإلتقاء الساكنين. ثم حركوا اللام بالكسر بإلتقاء الساكنين. إنها وهي الهاء، ولم يردوا الألف المحذوفة لإلتقائهما. وإن حركت الساكن الذي من أجله حذفت الساكن الأول، لأن حركته لإلتقاء الساكنين. وكذلك كان ينبغي أن يكون ما أنشده أبو زيد:
١٠٦ - أيها فداء لك يا فضاله ... أجره الرمح ولا تهاله
كان القياس أن لا ترد الألف، كما يردون في (لم أبله)، وردها ضعيف، لكون الحركة لإلتقاء الساكنين. ألا ترى أن قياس هذا أن تقول: نومي الليل وهذا لا يقال. ويضعفه أيضًا قولهم: رمت المرأة. فلم يردوا اللام مع تحرك الساكن الذي من أجله حذفت. فكذلك كان قياس هذا. إلا أنه جعل الحركة غير اللازمة لإقامة الوزن والقافية. وقد قالوا مع ذلك: (ريا) فأدغموا. ونظير هذا في الضعف قول الآخر:
1 / 130