والضرب الآخر هو ما ينوي في حرف إعرابه الحركات الثلاث، ولا يظهر شيء منها في حالة من أحوال الإسم فهو نحو: الرجا، والعصا، والمعلى، والمثنى، والمسرى، والمعزى، والأرطى، وحبارى، وحبلى، وقرقرى، فحرف الإعراب في هذا القبيل يكون على صورة واحدة في الرفع، والنصب، والجر، تقول: هذا المعلى، ورأيت المعلى، ومررت بالمعلى، فتستوى الصورة في الأحوال الثلاث في ظاهر اللفظ، والحركة مقدرة منوية. يدلك على ذلك إنقلاب اللامات في هذه الأشياء إلى الألف. ولولا تقدير الحركة، لم تنقلب. ألا ترى أنهم، قالوا: (الواو) و(ولي) فصحت الحروف حيث كانت في مواضع سكون، وتقول: (غزونا) و(رمينا) فتصححهما لسكونهما، ولا تقلب، كما قلبت في (غزا) و(رمى) حيث كانا في موضع حركة. وكذلك هذه/ ١٢ آاللامات، انقلبت إلى، الألف لكونها في مواضع الحركة، وتقدر ذلك فيها. وهذا مما يدل أن الغرض من الأسماء أن تكون معرضة للعوامل، والأخبار عنها. ألا ترى أن الحركة تجب لها بالعوامل، وأنك لا تجد لهذه الأسماء حالا تصح فيها هذه اللامات فهذا من أمر الإسم يدل على أن الغرض فيه الأخبار عنه، وما جرى مجرى الأخبار من التعريض للعوامل. وليس العصا، والرجا في هذا كغزا، ورمى، لأن الحركة في الفعل حركة بناء، وحركة الإسم حركة إعراب، والإعراب لا يكون إلا بعوامل. فالوجه فيه ما ذكرناه. فأما قولك: هو يغشى. وفي النصب، لن يغشى. فالألف في الموضعين في تقدير حركة. والحركة توجب القلب، إذا كانت ضمة، كما توجبه إذا كانت فتحة.
إلا أن هذه الحروف كلها تجتمع في الحذف للجزم لمعاقبتها الحركة، فإنها من جنسها، فكما حذفت الحركات للجزم، كذلك حذفت هذه الحروف له، وما يختلف آخره بالحروف على ضربين: أحدهما أن يكون الحرف زائدًا، والآخر أن يكون الحرف غير زائد.
وغير الزائد يمثله النحويون بالفاء، والعين واللام. والزائد هو النون اللاحقة
1 / 126