وببيان أن في المصطفين ظالما لنفسه لا يؤمن على التأويل ولا يوثق به في الإتباع كمن كان في من قبلهم من ذرية الأنبياء فيما أخبر من قوله تعالى: ((ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون)).[الحديد: 26]. وقوله في إبراهيم صلوات الله عليه: ((وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين)).[الصافات: 113]. واما كانت الحاجة إلى معرفة السابق والمقتصد من ضروريات التكليف، وعدم إبانة أمرهما من التعمية والتلبيس، بين سبحانه من يجب اتباعه والكون معه بالصفة التي فيها أكمل المعرفة فقال عز وجل: ((ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )).[التوبة: 119]. فقوله: ((وكونوا مع الصادقين)). أمر بموافقة الصادقين ونهي عن مفارقتهم وظاهر الأمر للوجوب، والله سبحانه بحكمته لا يأمر بالكون مع من لا يعلم صدقه قطعا فوجب على المؤمنين أن يكونوا مع الصادقين، ومتى وجب الكون مع الصادقين فلا بد من وجود الصادقين، لأن الكون مع الشيء مشروط بوجود ذلك الشيء، فهذا يدل على أنه لابد من وجود الصادق في كل وقت، فيجب علينا حينئذ طلبه لنكون معه كما أمر الله، ومالا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
Страница 8