Масабих ад-Дурар фи Танаcуб Аят аль-Куран аль-Карим уа ас-Сувар
مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور
Издатель
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Номер издания
العدد١٢٩-السنة ٣٧
Год публикации
١٤٢٥هـ
Жанры
واحدةٍ وكلمةٍ سَوَاء، كشجرةٍ طيبةٍ أَصْلهَا ثابتٌ وفرعها فِي السَّمَاء، وجُعلنا معتصمين بِحَبل كِتَابه، كَمَا قَالَ: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا﴾ (آل عمرَان /١٠٣) وَكَيف الْخَلَاص من التفرُّق الْأَصْلِيّ وَقد جعلُوا هَذَا الْحَبل أشتاتًا فِي ظنونهم، وَهُوَ بِحَمْد الله متين.. ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ (فصلت/٤٢) فيؤوله كلُّ فريقٍ حسب ظَنّه، ويحرف طَرِيق الْكَلَام عَن سمته -؟ ﴿»
ثمَّ يَقُول الشَّيْخ: «.. فبالنظام يتَبَيَّن سمْتُ الْكَلَام، فتنتفي عَن آيَاته أهواءُ المبتدعين، وانتحالُ المبطلين، وزيغُ المنحرِّفين..» (١)
ثمَّ يَقُول فِي نفس المجال أَيْضا: «.. إِنَّه لَا يخفى أَن نظم الْكَلَام بعضٌ مِنْهُ، فَإِن تركته ذهب مَعْنَاهُ، فَإِن للتركيب معنى زَائِدا على أشتات الْأَجْزَاء، فَمن حُرِم فهم النظام، فقد حُرِم حظًا من الْكَلَام، ويوشك أَن يشبه حَاله بِمن قبله من أهل الْكتاب، كَمَا أخبر الله تَعَالَى عَنْهُم: ﴿فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ .. وأخاف أَن تكون هَذِه الْعَدَاوَة والبغضاء الَّتِي نرَاهَا فِي الْمُسلمين من هَذَا النسْيَان، فَلَا تهدأ عداوتهم، وَلَا يرجعُونَ من اخْتلَافهمْ.
وَسبب ذَلِك مَا ذكرنَا فِي الْأَمر الأول؛ لأنَّا إِذا اخْتَلَفْنَا فِي مَعَاني كَلَامه، اخْتلفت أهواؤنا، وصرنا مثل أهل الْكتاب..غير أَن رجاءهم كَانَ بِهَذَا النَّبِي، وَهَذَا الْقُرْآن الَّذِي يرفع اخْتلَافهمْ.. وَأما نَحن فَلَيْسَ لنا إِلَّا هَذَا الْكتاب الْمَحْفُوظ﴾» (٢) .
وَفِي الْجُمْلَة.. فمعرفة نظام الْقُرْآن عِنْد الفراهي هُوَ الْوَسِيلَة الصَّحِيحَة
(١) انْظُر: مُقَدّمَة تَفْسِير نظام الْقُرْآن، ص ٣ (نقلا عَن الفراهي وجهوده فِي الدعْوَة الإسلامية، ص (١٣٠) . (٢) نقلا عَن السَّابِق: ص. ١٣، ١٣١
1 / 78