وذهبنا معا إلى فيلا عباس فوزي، وهي مقامة فوق سطح عمارة يملكها في عابدين، ورحب بنا بلطفه المعهود، وأجرى صبري جاد معه حديثه الذي دار حول مؤلفاته عن التراث، ولما انتهى استأذن في الانصراف ولكن الأستاذ عباس فوزي قال له: لن أسمح لك بالذهاب حتى تجيب عن أسئلتي.
فتساءل الشاب عما يريد فقال: ثمة أسئلة تلح علي بخصوص جيلكم فهل أنت على استعداد للإجابة بصراحة!
فأجاب الشاب باسما: طبعا. - بصراحة من فضلك، نحن غير رسميين، ونحن في خلوة، فلا تضن علي بالحقيقة. - تحت أمرك.
وقلت أنا: الأستاذ يريد أن يعرف أشياء عن الجيل ككل لا عن شخصك.
فقال عباس فوزي: هذا ما أقصده تماما.
فقال صبري جاد: تحت أمرك.
اعتدل الأستاذ عباس فوق الكنبة التركية ثم سأله: ما موقفكم من الدين؟
فأجاب صبري جاد ببساطة: لا أحد يهتم به! - لا أحد؟! - الأغلبية لا تهتم به! - لم؟ - لم يكن موضع بحث، ربما لأنه توجد به أشياء غير معقولة وتخالف ما ندرسه من العلم. - ولكني أعلم أن الدولة تهتم بتدريسه وتشترط النجاح فيه؟ - ونحن نحفظه وننجح فيه. - أتعني أن تعليمه غير مثمر من ناحية العقيدة؟ - أجل. - والبيت؟ .. ألم تلقنه في البيت؟ .. هل والداك مؤمنان؟ - نعم ولكنهما لا يصليان ولا يصومان ولا يتحدثان في الدين! - ألا يوجد بين الطلبة إخوان مسلمون؟ - كلا .. أو عدد لا وزن له. - ألا يوجد تلاميذ مؤمنون؟ - في رأيي أنهم قلة.
ثم مستدركا: بعد النكسة وجد نوع من الميل للدين، البعض يقولون إن هزيمتنا ترجع إلى إهمالنا لديننا. - إذن يوجد ميل للإيمان؟ - نعم يوجد.
فقال الأستاذ عباس باسما: إني أطمع في مزيد من الدقة. - أجبت بما أعرف، مستعيدا ذكريات الثانوية والجامعة. - دعني أساعدك، لعلك تقصد أن تقول إن الإيمان بصفة عامة لا يلعب دورا هاما بينكم، ولكن الوضع قد يتغير بعد النكسة؟ - نعم. - ما مدى هذا التغير المحتمل في نظرك؟ - لا أدري.
Неизвестная страница