وقد تحدث النبي ذات يوم على المنبر إلى أصحابه، فقال - فيما روى الشيخان: «إن عبدا قد خيره الله بين زهرة الدنيا وما عنده، فاختار ما عند الله.» فلم يفهم عنه من أصحابه إلا أبو بكر، فقال: بل نفديك بآبائنا وأمهاتنا. فعجب الناس لمقالة أبي بكر ولم يحققوا مغزاها إلا حين اختار الله رسوله للرفيق الأعلى.
ولم يلبث النبي بعد حديثه ذاك أن أحس الوجع، فكان يمرض في بيت عائشة رحمها الله، وكان يخرج للصلاة كلما وجد خفة، فلما ثقل عليه المرض أمر أبا بكر أن يصلي بالناس.
وتوفي
صلى الله عليه وسلم
في نفس الشهر الذي وصل فيه إلى المدينة مهاجرا في ربيع الأول لعشر سنين مضين منذ هجرته.
وقد ارتاب المسلمون حين نبئوا بوفاة النبي، لم يصدقوا ذلك، بل شكوا فيه وماج بعضهم في بعض. وكان عمر أشدهم شكا حتى أنذر - فيما يقول الرواة - من قال إن النبي قد مات، ولكن أبا بكر تلا عليهم الآية الكريمة من سورة آل عمران:
وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين .
هنالك ثاب إلى المسلمين صوابهم فرجعوا إلى الحق وآمنوا لما لم يكن بد من أن يؤمنوا له وذكروا قول الله لنبيه:
إنك ميت وإنهم ميتون .
19
Неизвестная страница