314

Мараг Лабид

مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد

Редактор

محمد أمين الصناوي

Издатель

دار الكتب العلمية - بيروت

Номер издания

الأولى - 1417 هـ

Жанры

тафсир

استؤصلوا بالهلاك بسبب ظلمهم بإقامة المعاصي مقام الطاعات والحمد لله رب العالمين (45) على استئصالهم بالنكال فإن إهلاك الكفار والعصاة من حيث إنه تخليص لأهل الأرض من شؤم عقائدهم الفاسدة وأعمالهم الخبيثة نعمة جليلة مستحقة للحمد قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به أي قل يا أكرم الخلق لأهل مكة: يا أهل مكة أخبروني إن أزال الله سمعكم وأبصاركم وعقولكم أي فرد من الآلهة الثابتة بزعمكم غير الله يأتيكم بذلك الذي أزيل؟ انظر يا أكرم الرسل كيف نصرف الآيات أي كيف نكررها متغيرة من نوع إلى نوع آخر فتارة بترتيب المقدمات العقلية، وتارة بطريق الترغيب والترهيب، وتارة بالتنبيه والتذكير بأحوال المتقدمين فكل واحد يقوي ما قبله في الإيصال إلى المطلوب ثم هم يصدفون (46) أي يعرضون عن تلك الآيات وثم لاستبعاد إعراضهم عنها بعد ذكرها على الوجوه المختلفة قل أرأيتكم أي أخبروني يا أهل مكة إن أتاكم عذاب الله أي عذابه الخاص بكم بغتة أي فجأة بأن يجيئهم من غير سبق علامة تدلهم على مجيء ذلك العذاب أو جهرة بأن يجيئهم مع سبق علامة تدل عليه فالعذاب وقع بهم وقد عرفوه حتى لو أمكنهم الاحتراز عنه لتحرزوا منه هل يهلك إلا القوم الظالمون (47) أي هل يهلك بذلك العذاب غيركم ممن لا يستحقه وما نرسل المرسلين إلا مبشرين بالثواب على الطاعات ومنذرين بالعقاب على المعاصي ولا قدرة لهم على إظهار المعجزات بل ذلك مفوض إلى مشيئة الله تعالى فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون (48) أي فمن قبل قول المرسلين وأتى بعمل القلب الذي هو الإيمان وبعمل الجسد الذي هو الإصلاح فلا خوف عليهم من العذاب الذي أنذروه دنيويا كان أو أخرويا ولا هم يحزنون بفوات ما بشروا به من الثواب العاجل والآجل والذين كذبوا بآياتنا وهي ما ينطق به الرسل عند التبشير والإنذار ويبلغونه إلى الأمم يمسهم العذاب أي يصيبهم العذاب الذي أنذروه بما كانوا يفسقون (49) أي بسبب فسقهم وخروجهم عن الطاعة قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي.

واعلم أن الكفار طلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوسع خيرات الدنيا وأن يخبر عما يقع في المستقبل من المصالح والمضار ، وطعنوا فيه في أكل الطعام والمشي في السوق، وفي تزوجه للنساء فأمر الله تعالى أن ينفي عن نفسه أمورا ثلاثة تواضعا لله تعالى واعترافا له بالعبودية وأن يقول لهم: إنما بعثت مبشرا ومنذرا ولا أدعي كوني موصوفا بالقدرة اللائقة بالله تعالى، وأن خزائن الله مفوضة إلي أتصرف فيها كيفما أشاء، وأعطيكم منها ما تريدون. ولا أدعي كوني موصوفا بعلم الله تعالى فأخبركم بما تريدون، ولا أدعي أني ملك حتى تكلفوني من الخوارق للعادات ما لا يطيق به البشر وحتى تعدوا عدم اتصافي بصفات الملائكة قادحا في أمري فتنكرون قولي، وتجحدون أمري، وما أخبركم من غيب إلا بوحي من الله أنزله علي قل لهم: هل يستوي الأعمى

Страница 319