133

Мараг Лабид

مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد

Исследователь

محمد أمين الصناوي

Издатель

دار الكتب العلمية - بيروت

Номер издания

الأولى - 1417 هـ

Жанры

тафсир

مذكورا في تلك الكتب كان نفس مجيئه تصديقا لما كان معهم. قال الله تعالى لهم:

أأقررتم بالإيمان به والنصرة له وأخذتم على ذلكم إصري أي قبلتم على ما قلت عهدي قالوا أي النبيون: أقررنا بذلك. قال الله تعالى: فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين (81) أي فليشهد بعضكم على بعض بالإقرار وأنا على إقراركم وإشهاد بعضكم بعضا من الشاهدين فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون (82) أي من أعرض عن الإيمان بهذا الرسول بنصرته بعد ما تقدم من هذه الدلائل كان من الخارجين عن الإيمان أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون (83) والوجه في هذه الآية أن هذا الميثاق لما كان مذكورا في كتبهم وهم كانوا عارفين بذلك فقد كانوا عالمين بصدق محمد صلى الله عليه وسلم في النبوة فلم يبق لكفرهم سبب إلا مجرد العداوة والحسد، فصاروا كإبليس الذي دعاه الحسد إلى الكفر، فأعلمهم الله أنهم متى كانوا كذلك كانوا طالبين دينا غير دين الله، ومعبودا سوى الله تعالى، ثم بين أن الإعراض عن حكم الله تعالى مما لا يليق بالعقلاء فقال: وله أسلم من في السماوات والأرض أي لجلال الله تعالى لا لغيره انقاد في طرفي وجوده وعدمه، لأن كل ما سوى الله ممكن لذاته وكل ممكن لذاته لا يوجد إلا بإيجاده ولا يعدم إلا بإعدامه سواء كان عقلا أو نفسا، أو روحا أو جسما أو جوهرا، أو عرضا، أو فاعلا أو فعلا. ونظير هذه الآية في الدلالة على هذا المعنى قوله تعالى: ولله يسجد من في السماوات والأرض [الرعد: 15] فالمسلمون الصالحون ينقادون لله طوعا فيما يتعلق بالدين وينقادون له كرها فيما يخالف طباعهم من الفقر والمرض والموت وما أشبه ذلك. أما الكافرون فهم منقادون لله تعالى كرها على كل حال لأنهم لا ينقادون فيما يتعلق بالدين ويخضعون له تعالى في غير ذلك كرها لأنه لا يمكنهم دفع قضائه تعالى وقدره. وأيضا كل الخلق منقادون لإلهيته تعالى طوعا بدليل قوله تعالى: ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله [لقمان: 25] ومنقادون لتكاليفه تعالى وإيجاده للآلام كرها، ثم الهمزة للاستفهام التوبيخي وموضعها لفظة يبغون، والتقدير: أيبغون غير دين الله لأن الاستفهام إنما يكون عن الأفعال الحوادث. وقرأ حفص عن عاصم «يبغون» و «يرجعون» بالياء على الغيبة فيهما. أي إنما ذكر الله تعالى حكاية أخذ الميثاق حتى يبين أن اليهود والنصارى يلزمهم الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم فلما أصروا على كفرهم قال تعالى على جهة الاستنكار: أفغير دين الله يبغون. وقرأ أبو عمرو «تبغون» بالتاء خطابا لليهود وغيرهم من الكفار، و «يرجعون» بالياء ليرجع إلى جميع المكلفين المذكورين في قوله تعالى: وله أسلم من في السماوات والأرض.

وقرأ الباقون بالتاء على الخطاب فيهما لأن ما قبلهما خطاب كقوله تعالى: أأقررتم وأخذتم وأيضا فلا يبعد أن يقال للمسلم والكافر: أفغير دين الله تبغون مع علمكم بأنه أسلم له تعالى من في السموات والأرض وأن مرجعكم إليه. وهو كقوله تعالى: وكيف تكفرون وأنتم

Страница 138