وقد كان الرقص «المصري» شناعة من الشناعات، حتى اضطرت الحكومة إلى إلغائه؛ إذ لم تكن الراقصة تمثل سوى الشهوة الجنسية، وكانت تمثلها في إسراف وقح. ومن هنا كانت نظرتها، وهي ترقص، إلى أسفل، كي تبرز محاسنها بل مقابحها السفلى.
كانت تمثل الأمة بعد إلغاء الرق. تلك الأمة التي كانت تعلم وتدرب على هذه الحركات التي كانت تؤذي الإحساس والعقل عند الرجل الذي يحب الجمال في الإنسان، وليس الحيوان في الإنسان.
وارتفاع الرقص إلى مقام الفنون الجميلة في أوربا، واختصاص المرأة بالقسط الأكبر منه، هما برهان على الارتقاء الاجتماعي؛ أي الارتقاء الفني في المجتمع.
وقد وصفت الرقص المصري بالانحطاط لأن الراقصة تنظر إلى أسفل؛ أي إن إحساسها هنا جنسي.
ووصفت الرقص الأوربي بالارتقاء لأن الراقصة تنظر إلى أعلى؛ أي إن إحساسها هنا فني.
وأستطيع أن أقول مع الحزن والأسف إن النظرة الاجتماعية للمرأة في أوربا قد أوجدت الرقص الأوربي في سموه ونشاطه، كما أقول إن النظرة الاجتماعية للمرأة في البلاد الشرقية والعربية قد أوجدت هذا الرقص الذي نكرهه والذي تخلصنا منه.
ألسنا نقول في مصر، وفي الشرق كله، بسيادة الرجل على المرأة، وأن المرأة للبيت الذي هو مكانها «الطبيعي» وأن مهمتها الأولى هي الزواج. وأن دعوة الاستقلال التي تدعوها الناهضات من النساء هي دعوة زائفة بل كافرة؟
هذه النظرة للمرأة هي التي توحي إلينا بأن مهمتها الجنسية هي كل شيء، وأن الرقص يمكن أن يكون جنسيا. ونسرف بعد ذلك إلى حدود الشطط فيرضى بعضنا بأن يجد في الرقص المصري معاني جنسية نشمئز منها.
ولكن المرأة الأوربية التي استقلت، والتي عملت وكسبت واشتركت في المجتمع، تجد أن لها كبرياء تمنعها من أن تمثل هذا التمثيل الجنسي السافل.
وكان ثم نتيجتان:
Неизвестная страница