لقد ذكرت في بداية هذا المقال أربعة اختلافات أو فروق بين الشرقيين والغربيين، وأحصيت منها ذلك الفرق أو الاختلاف المهين، وهو أن الغربيين يتسلطون على الشرقيين وينتزعون منهم القطن والكوتشوك والقصدير والبترول، ويضربونهم إذا ثاروا أو تمردوا. والآن أقول إنه لو كانت المرأة تعمل عندنا وتكسب، ولو كنا نمارس الصناعة، لما استطاع الغربيون أن يضربونا أو يتسلطوا علينا.
يجب ألا نكون شرقيين، ويجب أن نوقن بأن هذا التفريق بين الشرق والغرب هو تفريق استعماري يراد منه سيادة الغرب على الشرق.
كلنا بشر لا نختلف إلا من حيث الرقي والانحطاط.
الذكاء والعبقرية والمرأة
التفاوت في مقدار الذكاء بين شخص وآخر حقيقة نلمسها كل يوم ونسلم بها، وهذا التفاوت طبيعي واجتماعي.
فأما التفاوت الطبيعي فهو ما نولد به ونرثه من عائلتنا؛ أي من الأبوين ، وأيضا من أسرتنا؛ أي من الأرومة التي نشأنا منها وتحتوي أعمامنا وأخوالنا وجدودنا. وأدنى دراية بالوراثة تبين لنا تأثير الأسرة في كفاءة الفرد الذي ينتمي إليها.
ولكن الذكاء الذي يبدو في سلوك الناس إنما يعود إلى أسباب اجتماعية أكثر مما يعود إلى الأصول الطبيعية. وهذا هو موضوعنا.
الذكاء اجتماعي ينشأ من الاختلاط بالمجتمع، ومن كلمات اللغة التي يستعملها هذا المجتمع، ومن الاشتباكات في شئونه، والاهتمامات بمصالحه، ومن المصادمات التي نلاقيها حين نحاول أن نلائم بين رغباتنا وبين قواعده وقوانينه وعقائده. وعلى قدر هذه الاشتباكات والاهتمامات والمصادمات يكون ذكاؤنا بل عبقريتنا.
وليس أسهل من أن نبرهن على صحة ما نقول؛ إذ يكفي أن نفرض أن هناك شخصا موهوبا بالمواهب الطبيعية في الذكاء قد ولد وعاش في صحراء، منفردا بلا مجتمع وبلا لغة. فأين يكون ذكاؤه الطبيعي؟
إنه لا يعرف اللغة وهو لذلك لا يستطيع التفكير إلا بمقدار ضئيل جدا؛ ذلك لأن الكلمات أفكار. ونحن نتفاهم (أي نفهم) بالكلمات.
Неизвестная страница